ولو قسم الأرباع وباع أحدها لم يصح، ولو باعه قبل القسمة صح (1).
وهنا إشكالان:
أحدهما: أن الغرر قد ذكرنا أنه عبارة عن الخطر، وهو لا يتحقق إلا بعدم الوثوق بالوجود أو بالتسليم أو بعدم الوثوق بحصول المقصود للجهالة، وفي بيع الفرد المردد من المثليات مع اتحاد الأوصاف - كما فرضه المحقق الثاني - ليس شئ من ذلك موجودا لأنه أمر موجود في الخارج مقدور على تسليمه معلوم الأوصاف بحيث لا يحتمل الزيادة والنقصان، فلا وجه لتسمية ذلك غررا.
وثانيهما: أن الفرق بين أحد الأرباع المقسومة وبين الربع من المجموع المركب غير واضح، لأن كلا منهما كلي (2) قابل للمعاملة مضبوط بالأوصاف، فما الوجه في جواز الثاني دون الأول؟
ويمكن أن يقال: إن الأمر الدائر من الأمرين ليس كليا ثابتا في نفس الأمر كسائر الكليات المتأصلة الموجودة في ضمن الأفراد حتى يتعلق به (3) المعاملة، بل هو أمر اعتباري صرف لا ثبوت له في نفس الأمر ولا وجود له في الخارج، فلا يتعلق به (4) التمليك، فإن أريد من الكلي في أحد الأمرين مفهوم (أحدهما) فهو غير قابل، وإن أريد الكلي المتأصل الموجود في ضمنهما - كالحنطة الموصوفة بالأوصاف المفروضة مثلا - فذلك يقتضي عدم الانحصار بذينك الفردين، بل مقتضاه جواز الإعطاء من أي فرد كان.
فان قلت: فلم جاز ذلك في ربع المجموع؟ فإن المراد به أيضا كلي من هذه الحنطة لا يجوز الدفع من غيرها بمقدار الربع (5) وإن كان بتلك الأوصاف، فكذلك فيما نحن فيه نقول: المراد هو الكلي الحاصل في ضمن هذه الحنطة لا غيرها