فالشرط كالنذر في التعلق بالمباح والمحظور (1).
هذا مجمل ما أفاده وأنت خبير بأن أدلة الشروط - كما أشرنا إليه (2) - لا تدل على الشروط الغير المقدورة، ومن المعلوم: أن تغير الأحكام ليس في قدرة المتشارطين، ولا معنى لقوله: (بعت بشرط أن يكون الخمر حلالا) فإن ذلك شئ لا يحتمل دخوله تحت الأدلة حتى يحتاج إلى استثنائه. وبالجملة: بطلان مثل هذا الشرط مما لا خفاء فيه، ولكن ليس معنى قولنا (3): (ما أحل حراما أو حرم حلالا) ذلك، لأنه خلاف المتبادر قطعا.
ودعوى: أن ما عدا ذلك يوجب التقدير ممنوع، فإنه لو شرط ترك فعل واجب أو فعل شئ محرم فلا ريب أن الشرط أوجب تحليل الحرام، بل هو حلل حراما.
ومن العجب! أنه ذكر في شرط ترك الواجب أو المباح أو شرط فعل الحرام أن الشرط - حينئذ لا يكون محللا ومحرما، بل إيجاب الشارع الوفاء يوجب ذلك فلا يسند (4) ذلك إلى الشرط وقال في آخر العبارة فيما فرضه من شرط كون الخمر حلالا - بعد ما أورد على نفسه أن الشرط لا يوجب شيئا ما لم يوجبه الشارع -:
إنك إن أردت ذلك واقعا فكذلك، وإن أردت بحكم الشرط فليس كذلك (5).
فنقول: إن شرط شرب الخمر كذلك، فإنك إن أردت أن يكون ذلك حلالا واقعا فلا يقتضي الشرط ذلك، وإن أردت أن حكم الشرط ذلك فهو كذلك، لأن الشرط معناه إلزامه بالشرب، وهو تحليل للحرام عليه مع عدم رضا الشارع به، فالفرق بين المقامين وإن كان يتخيل في بادئ النظر، لكنه في الحقيقة لا يعد فرقا، مضافا إلى أن المتبادر من هذه العبارة: ما ذكر من مثال شرب الخمر، لا كون الخمر حلالا.
بل نقول: إن معنى العبارة: أن يكون الشرط والإلزام محللا للحرام الواقعي، لا