فليس فيه تحليل لحرام ولا تحريم لحلال، لأن الحكم يقع حينئذ من أول الأمر على الحل أو الحرمة، ولا يكون هناك شئ محرم يحل بالشرط، بل يصير هو حلالا ابتداءا. نعم، لو لم يكن هناك شرط والعقد وقع على إطلاقه لكان حراما، وهو لا ينفع في ذلك، وكذلك في تحريم الحلال، فإن من شرط في إجارة الدار (1) مثلا أن لا يسكنها غيره لم يحرم حلالا، لأن حلية إسكان الغير إنما هي (2) فرع وجود الإجارة مطلقا غير مقيدة بالشرط، والفرض أنها وقعت مقيدة من الأصل، فوقع الإسكان غير مأذون فيه حتى يحرم بالشرط، فتدبر. بخلاف ما لا ربط له بالعقد، فإن الحلال حينئذ حلال لا ربط له بالعقد، وكذا الحرام، فاشتراط ترك الأول وفعل الثاني موجب للتحليل والتحريم المبطلين للشرط، فتأمل.
وهذا الكلام لا غبار عليه من هذه الجهة، وليس بهذا المعنى تقييدا للدليل كما زعمه [الفاضل المعاصر] النراقي (3)، بل هذا تقييد (4)، إذ ليس هذا إلا عبارة عن تحقيق كون الشئ حلالا وحراما، وهو في الشرط المرتبط بالعقد لا يتحقق إلا به، فاشتراط خلافه ليس اشتراطا لخلاف ما هو ثابت من الحكم، بل إنما [هو] (5) دفع (6) لثبوت ما يقتضيه الإطلاق.
وأورد (7) عليه أيضا بأن ذلك موجب للتفرقة بين اشتراط سكنى الدار المبيعة للبائع وبين اشتراط سكنى دار غيرها للمشتري لها (8) فينبغي جواز الأول لأنه أحل حراما بالعقد، دون الثاني لأنه أحل ما هو حرام بأصل الشرع.
ويمكن القول بأن تحريم الثاني إنما هو بدون الأذن وأما معه فلا، والشرط حينئذ محصل للأذن فلا يكون محللا لحرام، بل ملزما لما هو حلال مع الأذن بدون الشرط، وسيأتي لذلك مزيد توضيح في مقام التحقيق للمدعى.