هذه الجهة تام ليس عليه غبار، فتدبر.
وأما ما هو محلل ومحرم بأصل الشرع، فنقول: إذا شرط المنع من الأول والإلزام بالثاني، فمرة يكون الرخصة في فعل المحلل معلومة بحيث لا يقبل المنع بأمر آخر - كالصلاة الواجبة ونحو ذلك - وكذا المنع عن فعل المحرم - كشرب الخمر - وهذا القسم لا بحث في دخوله تحت الرواية، وعدم جواز مثل هذا الشرط. ومرة يكون الرخصة والمنع مطلقين لا يعلم أنهما هل قابلان للتقييد بأمر آخر ملزم أم لا؟ فحينئذ يتعارض ما دل من الشرط على إلزامه أو منعه وما دل من الشرع على تحريمه أو جوازه.
مثلا: إذا قال: (بعتك وشرطت عليك أن تعتق عبدك) نقول: عدم العتق كان حلالا له بأصل الشرع، والشرط قد حرمه عليه، ولو قال: (بعتك وشرطت أن يكون سكنى دارك لي سنة) فقد حلل لنفسه ما كان حراما عليه، ونظائر ذلك أيضا مما يحرم ويحلل من أحد الجانبين فعلا وتركا ما لم يكن كذلك على هذا القياس، وهذا الذي أوقع الإشكال.
وحله: أن عدم العتق كان حلالا عليه مطلقا أو بشرط عدم وجود ملزم للعتق، فإن كان من الأول فلا بحث لنا فيه - وقد ذكرنا أن بعد معلومية ذلك فلا بحث في بطلان الشرط - وإن كان من الثاني فنعلم أن وجود ملزم للعتق ممكن شرعا، وعدم العتق ليس حلالا مطلقا بل في بعض الصور.
فنقول: لا ريب أن مع قطع النظر عن الاستثناء يقضي دليل الشرط بلزوم العتق جاءنا (1) عدم جواز اشتراط ما يحرم الحلال، فنقول: لا نسلم كون عدم العتق بعد الاشتراط حلالا حتى يكون الشرط محرما له. وبعبارة أخرى: احتمال كون الشرط ملزما وعدمه يوجب الشك في أن الترك للعتق حلال أم لا؟ لأن ذلك من تغاير الموضوع، ومتى ما لم يعلم ثبوت الحل والحرمة على الموضوع بقول مطلق لا يكون تخلف ذلك تحريما للحلال أو عكسه، فالمسلم إنما هو حلية عدم العتق