ما لم يكن هناك ملزم، فإذا جاء دليل الشرط وكان ملزما فقد خرج الحلال عن موضوعه الذي كان فيه حلالا وتبدل إلى موضوع آخر، فلم يكن الحلال حراما بهذا الشرط أبدا.
وكذلك نقول: إن حرمة سكنى الدار التي للغير لي (1) ليست على إطلاقها، بل حيث لا يكون هناك أمر محلل من إذن ونحوه وأخذ الشرط ذلك مع قبول الاخر يخرج ذلك عن كونه سكنى دار الغير بدون إذنه. وبعبارة أخرى: يبدل الموضوع المحرم إلى موضوع محلل بأصل الشرع ويلزمه، لا أنه يحلل الحرام، فإن الحرام والحلال لا يتبدلان بذلك.
وبالجملة: عمدة الإشكال أن كل شرط محلل لما هو حرام بدونه ومحرم لما هو حلال بدونه، فكيف يمكن استثناء القسمين؟
والحل: أن المراد منهما كون الشرط محللا لما هو حرام، بمعنى اقتضائه الرخصة فيما منعه الشارع، ومحرما لحلال، بمعنى اقتضائه المنع عما (2) رخص فيه الشرع، وهذا لا يكون إلا مع بقاء موضوع الحكمين بحاله، كالحلال المطلق الذي لا يمكن تحريمه بوجه، والحرام كذلك. وأما الأمور التي لها حلية وحرمة قابلتين (3) للزوال بتغير وصف أو حالة أو نحو ذلك، فلو جاء شئ حلل الحرام أو حرم الحلال - بمعنى تغييره له من حالته السابقة إلى حالة أخرى مغايرة لها في الحكم - فإن ذلك لا يعد تحليلا للحرام، بل هو تحليل للحلال، كانقلاب سائر الموضوعات الخارجية، إذ لا شبهة أن مال الغير ينقلب من الحرمة إلى الحل بإذن المالك، كانقلاب الخمر خلا، فتبصر.
فيصير الحاصل: أن الشرط الممنوع منه ما كان مرخصا لحرام لا يمكن تقليبه حلالا بهذا الشرط ونحوه، وما كان مانعا عن حلال لا يمكن المنع عنه بملزم من الملزمات، وهذه العبارة لو أطلقت في العرف لكان معناها ذلك، فإن الرجل إذا قال