الأثر على غير الصيغ أيضا ودخوله في اسم الوكالة والشركة ونحو ذلك.
ورابعا: لا يخفى على من تتبع كلماتهم (1) اكتفاؤهم بالفعل في القبول في كثير من هذه الموارد، مع أن العقد عبارة عن الربط اللفظي دون الفعلي، وكون أحد الطرفين قولا لا يكفي في صدق العقدية عليه، مع أنهم يجرون عليه أحكام العقد في الأغلب، وليس ذلك إلا لدخوله تحت اسم الوديعة ونحوه المعلق عليه الحكم، فلا مانع من كونه في الإيجاب والقبول كذلك إذا شمل الاسم الموجب للحكم، فتدبر جدا.
نعم، هنا كلام، وهو أن الدخول تحت الاسم وإن كان قاضيا بترتب الأحكام، لكنه مسلم في العقود المذكورة إذا لم يكن فيها تمليك، بل إباحة في التصرف ونحو ذلك، كما في الوديعة والعارية والشركة والوكالة، وأما في العقود المملكة - كالهبة والوقف الخاص والسكنى ونحوه والصدقة والعطية - فلا نسلم فيه ذلك، كيف!
والأصحاب قد اشترطوا في التمليك القول بل القول الخاص، وذهبوا إلى أن المعاطاة إنما تفيد الإباحة في التصرف، لأنه رخصة من مالكه، وقد تقدم كفاية الفعل في مقام الأذن بالإجماع والسيرة، فيكون الفرق حاصلا بين العقود المملكة وغيرها، وهذا إما من جهة عدم وجود السيرة في العقود المملكة بالتمليك وعدم دخوله تحت الاسم الموجب للحوق الأحكام - كما هو ظاهر الفقهاء - وإما أنه مع فرض تسليم الدخول تحت الاسم وجريان السيرة منع منه اتفاق الأصحاب على عدم كفاية المعاطاة في التمليك، فيكون مقيدا للإطلاقات بوجود الصيغة ومانعا عن حجية السيرة، لأن طريقة العوام لا تكون كاشفة بعد مخالفة حملة الشريعة.
وتمام الكلام يأتي - إن شاء الله تعالى - مع توضيح جوابه في البحث عن كون المعاطاة مملكا أو مفيدا للإباحة، حيث إن الفرق بين عقود المعاوضة وغيرها غير محققة، بل لو ثبت كونه مملكا في المعاوضات لكان في غيرها بالأولوية، فتدبر وانتظر.