مقامات اخر.
وإما باحتمال أن يكون هذا حكمة لا علة، والحكمة لا يلزم فيها الاطراد، فيكون ما نحن فيه داخلا في التحريم والعموم، ولا يلزم من ذلك كون ذلك هو العلة فيتسرى إلى الأبواب الأخر أيضا.
وإما بأن يقال: إن الحديث الواحد ينحل إلى أحاديث متعددة، فيؤخذ بصدر الخبرين ويترك ما فيه من التعليل، لعدم مصادفة (1) فهم العرف له، وعدم جبره بالفتوى، وعدم العلم بالصدور، لا أن كلمة المعصوم ليست حجة في فهم الخطاب، فلا تغفل وتدبر.
وقد خطر بالبال في ذلك المجال كلام في حل ذلك الإشكال وقلت: إنه يمكن أن يكون باب العتق والنكاح داخلين تحت العموم وما عداهما خارجين، وليس الطريق منحصرا في اختصاصه بالنكاح أو تعميمه للكل حتى يلزم المحذور.
وبيانه بأن يقال: إن المراد ب (ما يحرم) إنما هو الأعيان الخارجية، وهي الأقارب من النسب والرضاع، وتحريم الأعيان والأشخاص يرجع إلى الصفة الظاهرة في تلك الأعيان، ولا ريب أن ذلك في النساء: النكاح، وفي المماليك:
الاستخدام والملك، فلو قيل: يحرم هذه الأعيان، يفهم منه: أنهم إن كانوا نساءا فيحرم نكاحهم، وإن كانوا مماليك فيحرم تملكهم واستخدامهم - على ما ذكره الأصوليون في باب المجمل والمبين في نظير المسألة - وأما تحريم زوجة الأب أو عدم القصاص أو عدم الربا أو عدم جواز السفر والجهاد - ونحو ذلك - فليس من الصفات القائمة بأعيان الأقارب وأشخاصها حتى يتعلق بها التحريم، وذلك واضح، ولذلك أن من الأصحاب في باب الظهار أيضا من قال بالتحريم بالتشبيه على الأخت أو الام من الرضاعة استدل بهذا العموم (2) فإن ذلك أيضا مما يتعلق بأبدان هذه الأشخاص وأعيانهم، لا بأمور خارجة متعلقة بهم تعلقا بعيدا.