ظاهر الفعل.
وليس في الصور التي فرضناها بين المكره عليه وبين المأتي به عموم وخصوص حتى نقول بأنه أحد أفراد المكره عليه، بل بينهما تباين بالذات أو بالقيد والخصوصية الاعتبارية.
أما لو أكرهه على أحد الشيئين المتساويين - كإعطاء أحد الدينارين - فدفع أحدهما معينا، فربما يتخيل أن ذلك لا يعد إكراها، لأن المكره - بالكسر - ما أراد الخصوصية. وهو ليس كذلك، لأن مدار الإكراه على صدور الفعل من دون رضاه، ولا ريب أن دفع هذا الدينار ليس لأنه دينار خاص، بل من جهة أنه أحد الأمرين المطلوب منه إكراها، والخصوصية ملغاة في نظرهما معا، والطريق في إتيان الكلي منحصر في الفرد، وأي منهما كان يجئ فيه هذا المحظور.
وأما لو كانا متفاوتين (1) فإن كان أحدهما أقل من الاخر بحيث يندرج تحته - كإعطاء دينار أو دينارين، وبيع من أو منين - فهذا لا يعد إكراها على المنين عند الأنصاف، فلو أتى بالمن فهو مكره، لدخوله تحت فردي التخيير. وأما لو باع المنين فيحتمل أن يقال: إنه أيضا مكره عليه، لأنه أحد الفردين. ويحتمل القول بأنه لا إكراه فيه أصلا، إذ لم يتعين عليه ذلك، والمن كان كافيا فيه، والعدول إلى المنين يكشف عن رضاه ورغبته في ذلك. ويحتمل التفصيل بأنه مكره في من دون آخر، والوجه يعلم مما سبق، ولعل الأخير هو الأوسط.
ولو أكرهه على بيع شئ من ماله وكان هناك أشياء متفاوتة لا يندرج الأقل تحت الأكثر، كفرس قيمته عشرة وسيف قيمته خمسة - ونحو ذلك - فإن باع الأقل فلا شبهة في كونه إكراها، إلا على ما ذكر من احتمال عدم الإكراه في المخير. وإن باع الأكثر فالظاهر أنه أيضا كذلك، لأنه شئ اكره على بيعه، ولا ترجيح للأفراد المندرجة تحته.
ودعوى: أن الإكراه كان يندفع ببيع الأقل فعدولك إلى الأكثر يكشف عن