سلبه، وتبادر الأعم منه، وعدم دليل صالح للتقييد، فكون المدعي قاطعا بما يقوله ليس بشرط في سماع الدعوى، بل الظن كذلك، بل الشك أيضا كذلك. وبالجملة:
اعتقاد المدعي وعدمه نفيا وإثباتا لا دخل لهما في صدق الدعوى وتوجهها، فلا دليل على اعتباره.
وإن أريد الإبراز بالجزم فله أيضا معنيان: مرة يراد تقييده بقوله: (جزما وقطعا) كأن يقول: (لي عليك عشرة قطعا) ومرة يراد به الحكم بصورة البت، كقوله: (لي عليك عشرة) ولا ينافيه غير التصريح بالظن أو الشك، بمعنى: أن ما لم يصرح بأحدهما فظاهر الأخبار الجزم.
والمعنى الأول لا دليل على اعتباره، لصدق الدعوى بدونه، وتبادر الأعم منه وعدم وجود مخصص، وقضاء سيرة الناس به.
وأما المعنى الثاني، فظاهر بعض الأصحاب اعتباره (1) ولعل الوجه فيه: أن الدعوى لا تصدق إلا بذلك، أو لأنه ينصرف إطلاقها إليه، أو لأن الدعوى لابد فيها من وجود مخلص شرعي، وهو: إما البينة، أو يمين المنكر، أو اليمين المردودة، ولعل المنكر يرد اليمين على المدعي، ولا يمكنه الحلف عليه بعد كونه ظانا أو شاكا، ولا تسمى (الدعوى) إلا ما ترتبت عليه أحكامها، وهذا ليس كذلك.
وأنكره آخرون، فقالوا بتوجه الدعوى وإن صرح بالظن أو الوهم (2) نظرا إلى أن الدعوى تصدق بدون ذلك أيضا، ولا وجه مخصص لعموم النص، فلا وجه للتقييد.
والذي يترجح في النظر: أن الدعوى تصدق بالظن، لأنه اعتقاد وينحل إلى قول المدعي: (لي عليك كذا باعتقادي). وأما مجرد الاحتمال المساوي أو