الفلاني) وقال الآخر: (لم يقع) من دون غرض لهما فيه بحيث لو وقع لا ضرر على أحدهما ولا نفع وكذا لو لم يكن وقع، فهذا أيضا يسمى مدعيا ومنكرا.
فاعتبار هذا القيد: إما من جهة ورود هذه الرواية في مقام السياسات المدنية المجعولة لحسم النزاع المؤدي إلى تلف ما اهتم الشرع إلى غرضه، وهو المقاصد المعروفة من المال والنفس والعرض والعقل والنسب، ونحو ذلك. وأما مجرد النفي والاثبات التي لا ثمرة فيها (1) إلا محض العلم ولا يؤول إلى ضرر ونفع في شئ (2) من هذه الأمور، فليس محط نظر الشارع. وليس هناك أمر يوجب اختلال النظام وتشويش الأمور، بخلاف الدعوى المتعلقة بأحد هذه الأمور، فإن حسم مادتها من الضروريات التي لا محيص عنها، ولذلك بنوا على أن هذا القانون إنما هو في هذه الدعاوي لا في غيرها.
وإما من جهة انصراف إطلاق لفظ (المدعي) إلى الدعوى الكذائي دون ما لا نفع فيه، لأن الغالب الوقوع بين العقلاء إنما هو الدعوى المشتملة على نفع كذلك، وغير ذلك ليس مما يجر إلى التجاذب والتشاح، وخطابات الشارع منصبة على قانون العرف والعادة وطريقة العقلاء فلا تشمل غير ذلك.
وإما من جهة القرائن الخاصة في مقامات الاستشهاد بهذا النص على الحكم على كون المراد منه ذلك، لا مجرد النفي والاثبات كيف كان.
وإما من جهة إجماع الأصحاب على عدم توجه اليمين والبينة في غير مثل ذلك.
وبالجملة: فاعتبار كون الدعوى مما يقصده العقلاء للتشاجر والتنازع مما لا بحث فيه، كما أن عدم دخوله في ماهية الدعوى بحيث لا يصدق بدونه كذلك على ما يظهر من العرف، ومن ذلك أن كلام الأصحاب في توجه اليمين على المنكر يدور مدار نفع المدعي لو اعترف، فعليك بالتتبع التام.