أو قيمة المكان الذي يجب الأداء فيه بمقتضى الشرع، أو تخير (1) الغاصب بين القيم، أو تخير (2) المالك أو غير ذلك؟ فالاحتمالات هنا أيضا آتية، وأنت بعد الإحاطة بما ذكرناه في بحث الزمان تقدر على استخراج الوجوه لهذه الاحتمالات، والكلام الكلام بعينه، فتدبر.
لكن السبب في ترك الأصحاب هذا العنوان هل هو من جهة تبعيته للزمان؟
بمعنى: أن كل زمان اعتبر فالمكان مكانه أيضا، فمن اعتبر يوم الغصب اعتبر مكانه أيضا، ومن اعتبر يوم التلف اعتبر مكانه أيضا وهكذا. وهذا الاحتمال بعيد جدا، نظرا إلى بعد انفهام هذا المطلب مما ذكروه في الزمان، وعدم تصريح منهم في ذلك، مضافا إلى أن مكان التلف قد لا يكون للشئ قيمة معتد به، مع أن مكان الغصب له قيمة كثيرة، فلا أظن القائل بيوم التلف يعتبر قيمة مكان التلف، مع أن في كلامهم ما يدل على وجوب رد المال المغصوب إلى المالك أي مكان شاء وأراد - كما نشير (3) إليه - إذ (4) لا أقل من وجوب رده إلى مكان الغصب حيث شاء المالك فهو واجب، فينبغي أن يلاحظ مكان الغصب [فلا يمكن انطباق مسألة المكان على الزمان، أو أن ذلك من جهة معلومية اعتبار مكان الغصب] فإن الغاصب مكلف برد عين المال إلى محل الغصب، وكذا قيمته إذا أراد المالك، لأنه بلد القبض والضمان، فينبغي التأدية فيه، فيلاحظ قيمة ذلك المكان.
والذي أراه: أن دفع القيمة بحسب المكان منوط بالمكان الذي يجب الدفع فيه، فإن قلنا: إن الاختيار بيد المالك فأي مكان اختاره في الرد فيعتبر قيمته. وإن قلنا: ليس كذلك بل المعتبر الرد في محل الغصب إلا أن يرضى المالك بما هو أقل منه مؤنة أو المساوي فالمدار (5) على مختار المالك، فيكون الميزان محل الغصب، وفي المقام كلام طويل يحتاج إلى بسط في المقال، ويمنع منه ما نحن عليه من الاستعجال.