الثاني: الضمان بالقيمة يوم التلف، وهو مذهب ابن البراج (1) والعلامة في المختلف (2) ونسبه في الدروس إلى الأكثر (3). والوجه فيه: أن العين ما دامت باقية فهو مكلف بدفع العين، ولا يضمن بالقيمة إلا إذا تلفت، فذلك اليوم تتعلق القيمة بالذمة، فينبغي اعتبارها في ذلك اليوم. كما أنه لو فرض نقص القيمة مع بقاء العين لا يحكم على الغاصب بدفع الزيادة، لأن العين باقية على حالها، وفوات قيمة السوق غير مضمون.
الثالث: ضمان أعلى القيم من حين الغصب إلى يوم التلف، وهو منقول عن الشيخ رحمه الله في النهاية والخلاف وموضع من المبسوط (4). واختاره ابن إدريس (واستحسنه المحقق في الشرائع (6). والوجه فيه: أن المال مضمون عليه في جميع حالاته التي من جملتها حالة أعلى القيم، ولو تلف فيها لزم ضمانه فكذا بعده، ولأن الاعتبار العقلي يقتضي ذلك، لأن الغاصب في أول زمان الغصب مكلف بإيصال المغصوب إلى المالك، فإذا لم يفعل كان عليه أن يجبر النقصان الذي حصل للمالك بسببه، وجبر ذلك النقصان: إما برد العين في زمان آخر، أو قيمتها في الزمان الأول عند تعذر ذلك، وكذلك الغاصب مكلف في الزمان الثاني بإيصال العين إلى المالك، وإذا لم يفعل كان عليه جبر النقصان كما مر، وهكذا في الزمان الثالث والرابع، فإذا فرض زيادة القيمة في بعض هذه الأيام كان عليه ردها إلى المالك عند تعذر العين.
وفيه: أن كون جميع الحالات مضمونة معناه لزوم قيمته لو تلف في تلك الحالة، وإلا لزم على ذلك لزوم رد تفاوت القيمة مضافا إلى العين، ونقصان قيمته حين الرد عن بعض القيم السابقة، والحكم بخلافه مجمع عليه عند الأصحاب على الظاهر.