الذمة بالزائد.
والتاسع: التخيير، وله صور: أحدها: التخيير بين يوم الغصب والتلف. وثانيها:
بين يوم الغصب والأداء. وثالثها: بين يوم التلف والأداء. ورابعها: التخيير بين الثلاثة. وخامسها: التخيير بين الأقل والأكثر في أي وقت اتفق، ومرجعه إلى لزوم ضمان الأقل.
ومنشأ ذلك كله: العلم باشتغال الذمة بإحدى هذه القيم وعدم وجود الترجيح، وليس من النص في هذا الباب شئ سوى صحيحة أبي ولاد، وهي طويلة واردة في خصوص رجل اكترى بغلا إلى قصر ابن هبيرة ذاهبا وجائيا بكذا، فلما وصل إلى قرب قنطرة الكوفة توجه نحو النيل، وتوجه منه إلى بغداد، ورجع إلى الكوفة، وكان ذهابه ومجيئه خمسة عشر يوما، فأخبر أبا عبد الله عليه السلام بذلك، قال: له عليك مثل كرى البغل (1) ذاهبا من الكوفة إلى النيل، ومثل كرى البغل من النيل إلى بغداد، ومثل كرى البغل من بغداد إلى الكوفة. قال: قلت: جعلت فداك! فقد علفته بدرهم فلي عليه درهم (2)؟ قال: لا، لأنك غاصب. فقلت: أرأيت لو عطب أو (3) نفق أليس كان يلزمني؟ قال: نعم، قيمة البغل يوم خالفته. قلت: فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو عقر (4)؟ قال: عليك قيمة ما بين الصحة والعيب يوم ترده عليه... الحديث (5).
وفي هذا الخبر دلالة على جملة من أحكام الضمان التي حررناها في المباحث السابقة، منها: عدم احترام مال الغاصب، لأقدامه. ومنها: ضمان الأوصاف بالقيمة كالأصل.
وفي قوله: (يلزمك قيمة البغل يوم خالفته) احتمالان: أحدهما: أن يكون المراد: يلزمك قيمة يوم المخالفة، فيكون دليلا على القول الأول من الأقوال