المبسوط - السرخسي - ج ٣ - الصفحة ٧٢
ما على المظاهر وتبين بهذا ان المراد بالحديث الآخر بيان ما به تتأدى الكفارة في الجملة لا بيان التخيير ثم بعد العجز عن العتق كفارته بالصوم إلا على قول الحسن البصري فإنه يقول عليه بدنة وجعل هذا قياس المجامع في الاحرام ولكنا نقول لا مدخل للقياس في أثبات ما به تتأدى الكفارة إنما طريق معرفته النص وليس في شئ من النصوص ذكر البدنة في كفارة الفطر فكما لا مدخل للقياس فيما تتأدى به العبادة فكذا فيما يجب بالجناية فيها. والصوم مقدر بالشهرين بصفة التتابع الا على قول ابن أبي ليلى فإنه يقول إن شاء تابع وان شاء فرق بالقياس على القضاء وما روينا من الآثار حجة عليه وكان ربيعة الرازي يقول الصوم مقدر باثني عشر يوما قال لان السنة اثنى عشر شهرا فصوم كل يوم يقوم مقام اثنى عشر يوما وبعض الزهاد يقول الصوم مقدر بألف يوم فان في رمضان ليلة القدر وهي خير من ألف شهر فإذ فوت صوم يوم منه فعليه ان يصوم ألف يوم ليقوم مقامه ولسنا نأخذ بشئ من هذا فان الاعتماد على الآثار المشهورة كما روينا وهذه آثار تلقتها العلماء بالقبول والعمل بها واثبات الكفارة بمثلها جائز وكما تجب الكفارة على الرجل تجب عليها ان طاوعته وللشافعي رحمه الله تعالى ثلاثة أقاويل قول مثل هذا وقول آخر ان الكفارة عليه دونها وقول آخر فصل بين البدني والمالي فقال عليها الكفارة بالصوم ويتحمل الزوج عنها إذا كان ماليا واستدل بحديث الاعرابي فان النبي صلى الله عليه وسلم بين حكم الكفارة في جانبه لا في جانبها فلو لزمتها الكفارة لبين ذلك كما بين الحد في جانبها في حديث العسيف ثم سبب الكفارة المواقعة المعدمة للصوم والرجل هو المباشر لذلك دونها إذ هي محل المواقعة وليست بمباشرة للمواقعة فكان فعلها دون فعل الرجل كالجماع فيما دون الفرج بخلاف الحد فان سببه الزنا وهي مباشرة للزنا فان الله تعالى سماها زانية وعلى القول الآخر يقول ما يتعلق بالمواقعة إذا كان بدنيا اشتركا فيه كالاغتسال وإذا كان ماليا تحمل الزوج عنها كالمهر وثمن ماء الاغتسال (ولنا) قوله صلى الله عليه وسلم من أفطر في رمضان وكلمة من تعم الرجال والنساء وتبين بهذا ان السبب الموجب للكفارة فطر هو جناية كاملة وهذا السبب يتحقق في جانبها كما يتحقق في جانبه فتلزمها الكفارة كما يلزمها الحد بسبب الزنا وبه تبين ان تمكينها فعل كامل فان مع النقصان لا يجب الحد وبيان النبي صلى الله عليه وسلم الكفارة في جانبه بيان في جانبها لان كفارتهما واحدة بخلاف حديث العسيف فان الحد في جانبه كان
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»
الفهرست