ورابعها: الحقوق المشتركة مع اعتقادهم به (1) كما لو كان معتقدا أن من نذر شيئا لفقير يجب دفعه إليه ولم يدفع، ففي سقوطه الوجهان السابقان في القسم الثاني، ويجئ فيه الإشكال الذي سبق ذكره، ويندفع بما قررناه هناك، فتدبر.
وخامسها: حقوق المخلوقين الصرفة مع اعتقادهم به (2) في دينهم - كالديون وضمان المغصوب، ونحو ذلك - والظاهر من الأصحاب عدم السقوط، بل دخول هذا الفرض تحت قولهم بعدم سقوط حقوق المخلوقين متيقن. ولعل الوجه في ذلك: أن الرواية لا ينصرف إطلاقها إلى هذا الفرض، فإن المتبادر منه العبادات.
وهو غير بعيد.
مع احتمال ما ذكرناه من الوجه: من أن اشتغال الذمة بهذه الأسباب ليس من حيثية الإسلام، فإن مقتضى الأديان كلها ذلك، والظاهر من الخبر: أن الشئ الذي ثبت في دين الإسلام ولم يأت به الكافر - لأن الكفر مانع منه، أو موجب لعدم الاعتقاد به - فالاسلام يجب ذلك، لا أن كل ضمان في حالة الكفر يسقط بالإسلام وإن كان معتقدا ذلك ولم يكن الكفر مانعا من أدائه.
ولا يمكن أن يقال: إن هنا أيضا يمكن أن يقال: إن دينهم إما منسوخ أو باطل من أصله، فهذه الضمانات ليست من جهة دينهم، بل من جهة دين الإسلام في الواقع، فينبغي أن تسقط.
لأنا نقول: هذه الغرامات من جهة قضاء ضرورة العقل بها، وإلا لما استقام النظام، ولا دخل لحيثية الدين في ذلك، والشرع في هذه الأمور مقرر لما حكم به العقلاء وجرت به طريقتهم، والخبر يدل على سقوط ما كان للدين مدخلية في ذلك.
ولا يرد هذا الاعتراض على ما ذكرناه في القسم الثاني والرابع من كون الدين الذي لهم منسوخا فلا ثبوت ولا ضمان إلا في دين الإسلام، نظرا إلى أن الفرضين السابقين إنما هما من العبادات التي لا تتعقل إلا بملاحظة الدين وخطاب الشارع.