على حسب الدليل، فهنا أبحاث ستة:
أحدها: في حقوق الله المختصة به مع عدم اعتقادهم به (1) في دينهم، والظاهر أن الإسلام يجبها مطلقا، للخبر ولظاهر الإجماع، فلا يجب عليه قضاء العبادات البدنية وأداء المالية التي تعلق بذمته من عتق ونحوه بحيث لا مدخل للمخلوقين فيه، وهذا القسم واضح الدخول تحت الخبر.
وثانيها: حقوق الله أيضا مع اعتقادهم باشتغال الذمة بها في كفرهم، كما لو كان في دينهم أن قتل الخطأ يجب فيه عتق رقبة مثلا - ونحو ذلك - ثم أسلم، فهل الإسلام يجب ذلك أيضا أم لا؟ وجهان: من إطلاق الخبر، ومن جهة أن الظاهر من الخبر: أن الإسلام يجب ما قبله مما لو كان مسلما لاشتغل ذمته، وبعبارة أخرى:
الظاهر: أن الإسلام يجب ما يلزم الإنسان من حيثية الإسلام، فإذا أسلم الكافر فالشئ الذي اشتغلت ذمته به على طريقة الإسلام من حيثية دين الإسلام يسقط عنه، لا ما اشتغل ذمته بسبب آخر.
ويمكن الجواب: بأن المقام أيضا كذلك، فإن اشتغاله بعتق رقبة - مثلا - في المثال المذكور إن لوحظ على مقتضى دين الكفر فلا اشتغال في الواقع، لأن الدين منسوخ، أو باطل من أصله غير مجعول من الشارع، ومجرد الاعتقاد لا يوجب الضمان، فلا ضمان من جهة غير الإسلام. وإن لو حظ ضمانه من جهة الإسلام - لأنه مكلف بالفروع - فهو يسقط بالإسلام، للخبر.
وثالثها: الحقوق المشتركة بين الله وبين المخلوقين - كالزكاة والخمس ونحو ذلك - مع عدم اعتقادهم به (2) في دينهم، والحكم في هذا الفرض كالأول، وظاهر الخبر يشمله، لأن ثبوت ذلك كله من جهة دين الإسلام وكلام الأصحاب: إن الحقوق المخلوقية لا تسقط (3) لا يريدون به العبادات المالية، فإنهم صرحوا بسقوطها عن الكافر بالإسلام.