وتاسعها: الصلح على حق النفقات في مثل الأبوين ونحوه.
وعاشرها: الصلح على حق الفسخ في النكاح بسبب أحد العيوب.
والحاصل: الغرض من هذا البحث أن الصلح هل هو صحيح في كل حق على مقتضى القاعدة إلا ما أخرجه الدليل - سواء كان من الحقوق المعلوم جواز إسقاطها (1) مجانا أو المعلوم عدم جواز إسقاطها (2) كذلك أو شك في جواز إسقاطه (3) وعدمه - أم لا، بل لا يصح الصلح إلا على ما يصح الإبراء عنه والإسقاط؟
وينبغي أن يعلم: أن هذه المسألة ليست هي المسألة الفرعية المعهودة في كتب القوم، لأنها مبنية على أن حكم الصلح في الخيار ونحوه هل هو حكم العقود الخمسة (4) أم لا؟ وهذه المسألة مبنية على أن مورد الصلح هل هو عبارة عما يمكن أن يكون موردا لأحد الأمور الخمسة - من إسقاط أو عارية أو نحو ذلك - أم مورده أعم من ذلك؟ فيمكن صحة الصلح على شئ ليس قابلا لشئ من المعاملات الخمسة، وهذا الفرق لا يكاد يشتبه على من له خبرة بمذاق الفن.
إذا عرفت محل البحث، فنقول: المسألة ذات وجهين، بل ذات قولين:
ظاهر بعض عبائر الفقهاء كون الأصل في كل ما شك فيه جواز الصلح، ولذلك ينصون في المقامات التي لا يقبل الصلح عليه (5) - وهو ظاهر بعض المعاصرين (6) أيضا - بل قد تداول الصلح على حق الرجعة وعلى حق الفسخ في العقود الجائزة في بلاد العجم على ما نقلوا عنهم (7) وهو لا ينشأ إلا من فتوى من يعتمدون عليه من العلماء.
وظاهر طائفة من المعاصرين ومن قاربنا (8) من السلف - منهم الشيخ الفقيه