ليست بأولى من القول بأن زيادة القيمة ونقصانها بسببها أعم من كونها مقابلة بالعوض. فالقاعدة عدم التبعيض إلا فيما ثبت بالدليل، ولم يثبت، مع أن العرف شاهد على ما قلنا.
وثالثها: أن الإجماع قام على أن المبيع إذا خرج معيبا فللمشتري الخيار بين الفسخ وبين الأرش، وهو تفاوت ما بين القيمتين من الثمن، وهذا ليس إلا تبعيضا للصفقة، كما أنه إذا تلف بعض المبيع أو ظهر مستحقا تبعضت، بمعنى: أن المشتري له الخيار بين أخذ الباقي بالنسبة من الثمن وبين فسخ الكل، وليس الأرش إلا عبارة أخرى عن ذلك، فصار المعلوم (1) أن وصف الصحة يعد (2) في مقابل العوض، ولذلك لم يعتبر [في] (3) التفاوت في باقي الأوصاف، بخلاف وصف الصحة، مضافا إلى جريان بعض أحكام الجزئية (4) فيه في باب الصرف وغيره، كما ذكره الفقهاء، ولا يخفى [ذلك] (5) على من راجع.
وفيه: أن قيام الإجماع على ذلك في البيع لا يجعلها كاشفا عن كونها مقابلة بعوض، بل هو حكم ثبت بالدليل، وأيضا لو كان الأرش على القاعدة - بمعنى كونه استرجاعا لجزء من الثمن بإزاء (6) جزء من المبيع - للزم كون الأرش من الثمن بعينه، مع أن الفقهاء بنوا (7) على أن الأرش إنما يعتبر من النقد الغالب فهو يدل على أن ذلك غرامة جديدة لا ربط لها بالمعاملة دفعا لضرر المشتري.
وبالجملة: كما أن جريان هذه الأمور لا يدل على عدم الجزئية، فما ذكرته من الأرش أيضا لا يدل على الجزئية والمقابلة (8) بعوض. والمدار في ذلك على