باختلافها لا يوجب كونها جزءا من العوض، فلا تذهل.
والمراد بالأوصاف التي نذكرها هنا ليست أوصاف النوع المميزة بين الأنواع (1) بحيث يختلف باختلافها الماهيات - كما في الحنطة والشعير والبقر والغنم - فإنها داخلة في الماهية ملحوظة في صدق الاسم، وبفواتها يختلف الجنس ويوجب بطلان المعاملة، وبالجملة: الكلام في أوصاف الأصناف، دون أوصاف الأنواع التي يعبر عنها بالفصول المنوعة.
فإن قيل: إن المبيع إذا كان - مثلا - هي الحنطة الحمراء ثم بانت على خلاف الوصف، فلا ريب أن الوصف وإن لم يكن ذاتيا للحنطة لكن بعد اعتبار قيديته في المبيع يصير جزءا صوريا من المبيع كالنوع، فإما أن يكون فواتها مبطلا للمعاملة كما [لو] (2) خرج من غير الجنس، وإما أن يكون موجبا لتبعض الصفقة، إذ العوض إنما بذل في مقابل هذا المجموع المركب.
قلنا: اعتبار ذلك قيدا في المبيع لا يقتضي كونه جزءا من المعوض، فإن من المعلوم أن المعوض عبارة عن الحنطة وكون الوصف المأخوذ فيه نظير الشرط، والوجه فيه احتمال انفكاك الوصف عنه، وهذا ميزانه العرف، فإذا لم يكن في نظر أهل العرف جزءا للمبيع فلا يكون شئ من العوض في مقابله، والقيود الاعتبارية في المفاهيم وإن كانت كالأجزاء [منها] (3) في المفهوم لكنها لا يقع عليها المعاملة، فإن قولنا: (بعت الحنطة الحمراء) معناه: بعت الحنطة الموصوفة، لا بعت الحنطة والوصف، فتدبر.
وبالجملة: في المعاوضات كلها - من البيع والصلح والمزارعة والمساقاة والإجارة وغير ذلك - لا عبرة بالأوصاف (4) في مقابلة العوض بمعنى: أنه لا يسقط من العوض شئ في مقابل فوات الوصف، بل: إما أن يقبل كذلك أو يترك،