والأحكام كلها إلى اللفظي والرجوع في الفعلي مطلقا إلى الأصل والقاعدة، خلاف الظاهر إذ لو لم يكن الفعلي هو الفرد الشائع فلا أقل من التساوي، فلا وجه لصرف الأدلة إلى اللفظي.
نعم، لو كان هناك حكم ثبت بإجماع الأصحاب ولم يكن هناك دليل لفظي يمكن التشكيك في إجرائه في المعاطاة بأن الأصحاب حيث لم يدخلوا المعاطاة تحت العقود، والبيع والصلح ونحوهما في كلامهم ينصرف إلى العقد اللفظي، فإجماعهم على حكم في البيع لا يدل على كون المعاطاة كذلك، وأما سائر المقامات فالأحكام التي علقوها على لفظ (من باع) أو (من اشترى) أو نحو ذلك كلها آتية في المعاطاة.
وهذا كلام موجه لو لم نقل بأن بناء الأصحاب إخراج المعاطاة عن اللزوم، وأما لو قلنا به - كما هو الظاهر - فلا يفترق الحال بين الحكم الثابت بالنص أو الأجما ع، إلا مع تصريحهم اختصاصه بالعقد اللفظي، وإلا فمقتضى القاعدة هو العموم.
وينشعب من هذا الكلام فروع لا تكاد تنتهي إلى حد، لا يعجز الفقيه البصير عن تخريج الكلام فيها (1) والمشي فيها على هذه القاعدة إلا مع دليل مخرج.
وحيث إن وضع الكتاب ليس إلا للإشارة إلى الضوابط أعرضنا عن الكلام فيها بحسب كل مقام (2) ومن أرادها فليرجع فيها (3) إلى ما كتبناه في الفروع.
كما أن أسباب اللزوم في المعاطاة لها عرض عريض وشحنا بها ما كتبناه في شرح النافع في هذا المقام.
ولا ريب أن القاعدة في كل تصرف أو تغيير شك في كونه ملزما أم لا هو البقاء على الجواز حتى يثبت اللزوم، والله العالم.