بناء مربع تقريبا وزواياها الأربع إلى الجهات الأربع تتكسر عليها الرياح ولا تضرها مهما اشتدت.
ما زالت الكعبة على بناء إبراهيم حتى جددها العمالقة ثم بنو جرهم (أو بالعكس) كما مر في الرواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام).
ثم لما آل أمر الكعبة إلى قصي بن كلاب أحد أجداد النبي (صلى الله عليه وآله) (القرن الثاني قبل الهجرة) هدمها وبناها فأحكم بناءها، وسقفها بخشب الدوم وجذوع النخل، وبنى إلى جانبها دار الندوة، وكان في هذه الدار حكومته وشوراه مع أصحابه، ثم قسم جهات الكعبة بين طوائف قريش، فبنوا دورهم على المطاف حول الكعبة، وفتحوا عليه أبواب دورهم.
وقبل البعثة بخمس سنين هدم السيل الكعبة فاقتسمت الطوائف العمل لبنائها، وكان الذي يبنيها يا قوم الرومي، ويساعده عليه نجار مصري، ولما انتهوا إلى وضع الحجر الأسود تنازعوا بينهم في أن أيها يختص بشرف وضعه، فرأوا أن يحكموا محمدا (صلى الله عليه وآله)، وسنه إذ ذاك خمس وثلاثون سنة لما عرفوا من وفور عقله وسداد رأيه، فطلب رداء ووضع عليه الحجر، وأمر القبائل فأمسكوا بأطرافه ورفعوه حتى إذا وصل إلى مكانه من البناء في الركن الشرقي، أخذه هو فوضعه بيده في موضعه.
وكانت النفقة قد بهظتهم فقصروا بناءها على ما هي عليه الآن، وقد بقي بعض ساحته خارج البناء من طرف الحجر حجر إسماعيل - لاستصغارهم البناء.
وكان البناء على هذا الحال حتى تسلط عبد الله بن الزبير على الحجاز في عهد يزيد ابن معاوية فحاربه الحصين قائد يزيد بمكة، وأصاب الكعبة بالمنجنيق فانهدمت وأحرقت كسوتها وبعض أخشابها، ثم انكشف عنها لموت يزيد، فرأى ابن الزبير أن يهدم الكعبة ويعيد بناءها، فأتى لها بالجص النقي من اليمن، وبناها به، وأدخل الحجر في البيت، وألصق الباب بالأرض، وجعل قبالته بابا آخر ليدخل الناس من باب ويخرجوا من آخر، وجعل ارتفاع البيت سبعة وعشرين ذراعا، ولما فرغ من بنائها ضمخها بالمسك والعبير داخلا وخارجا، وكساها بالديباج، وكان فراغه من بنائها 17 رجب سنة 64 هجرية.
ثم لما تولى عبد الملك بن مروان الخلافة بعث الحجاج بن يوسف قائده فحارب ابن الزبير حتى غلبه فقتله، ودخل البيت فأخبر عبد الملك بما أحدثه ابن الزبير في الكعبة، فأمره بإرجاعها إلى شكلها الأول، فهدم الحجاج من جانبها الشمالي ستة أذرع وشبرا، وبنى ذلك الجدار على أساس قريش، ورفع الباب الشرقي وسد الغربي ثم كبس أرضها بالحجارة التي فضلت منها.
ولما تولى السلطان سليمان العثماني الملك سنة ستين وتسعمائة غير سقفها.
ولما تولى السلطان أحمد العثماني سنة إحدى وعشرين بعد الألف أحدث فيها ترميما، ولما حدث السيل العظيم سنة تسع وثلاثين بعد