وإلغاء ما يقتضيه صلاح هذا وفساد ذلك خلاف عدله تعالى.
والآية - كما ترى - لا تنفي استواء حال المؤمن والكافر، وإنما قررت المقابلة بين من آمن وعمل صالحا وبين من لم يكن كذلك سواء كان غير مؤمن أو مؤمنا غير صالح، ولذا أتت بالمقابلة ثانيا بين المتقين والفجار (1).
[2969] الدليل الثاني لاثبات المعاد الكتاب * (يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من نطفة... ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحي الموتى وأنه على كل شئ قدير * وأن الساعة آتية لا ريب فيها) * (2).
* (وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) * (3).
* (أيحسب الانسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى * فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى * أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى) * (4).
* (فلينظر الانسان مم خلق * خلق من ماء دافق * يخرج من بين الصلب والترائب * إنه على رجعه لقادر) * (6).
* (قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين كما بدأكم تعودون) * (6).
* (ويقول الانسان أإذا ما مت لسوف أخرج حيا * أولا يذكر الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا) * (8).
- الإمام الصادق (عليه السلام): جاء أبي بن خلف فأخذ عظما باليا من حائط ففته، ثم قال: يا محمد! إذا كنا عظاما ورفاتا أئنا لمبعوثون؟ فأنزل الله: * (من يحيي العظام وهي رميم * قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم) * (9).
التفسير:
قوله تعالى: * (ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شئ قدير) * ذلك:
إشارة إلى ما ذكر في الآية السابقة من خلق الإنسان والنبات وتدبير أمرهما حدوثا وبقاء، خلقا وتدبيرا واقعيين لا ريب فيهما.
والذي يعطيه السياق: أن المراد بالحق نفس الحق، أعني أنه ليس وصفا قائما مقام موصوف محذوف هو الخبر، فهو تعالى نفس الحق الذي يحقق كل شئ حق، ويجري في الأشياء النظام الحق، فكونه تعالى حقا يتحقق به كل شئ حق هو السبب لهذه الموجودات الحقة والنظامات الحقة الجارية فيها، وهي جميعا تكشف عن كونه تعالى هو الحق.