[2625] ما يلزم من تعدد الآلهة (1) الكتاب * (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون) * (1).
- في تفسير علي بن إبراهيم -: ثم رد الله عز وجل على الثنوية الذين قالوا بإلهين فقال: * (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله...) * قال: لو كانا إلهين كما زعمتم لطلب كل واحد منهما العلو، وإذا شاء واحد أن يخلق إنسانا شاء الآخر أن يخالفه فيخلق بهيمة، فيكون الخلق منهما على مشيتهما واختلاف إرادتهما إنسانا وبهيمة في حالة واحدة، فهذا من أعظم المحال غير موجود، وإذا بطل هذا ولم يكن بينهما اختلاف بطل الاثنان، وكان واحدا، فهذا التدبير واتصاله وقوام بعضه ببعض يدل على صانع واحد، وهو قول الله عز وجل: * (ما اتخذ الله من ولد...) * وقوله:
* (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا (2).
في تفسير الميزان في قوله تعالى: * (إذا لذهب كل إله بما خلق) * حجة على نفي التعدد ببيان محذوره، إذ لا يتصور تعدد الآلهة إلا ببينونتها بوجه من الوجوه، بحيث لا تتحد في معنى ألوهيتها وربوبيتها، ومعنى ربوبية الإله في شطر من الكون ونوع من أنواعه تفويض التدبير فيه إليه بحيث، يستقل في أمره من غير أن يحتاج فيه إلى شئ غير نفسه حتى إلى من فوض إليه الأمر، ومن البين أيضا أن المتباينين لا يترشح منهما إلا أمران متباينان.
ولازم ذلك أن يستقل كل من الآلهة بما يرجع إليه من نوع التدبير، وتنقطع رابطة الاتحاد والاتصال بين أنواع التدابير الجارية في العالم، كالنظام الجاري في العالم الإنساني عن الأنظمة الجارية في أنواع الحيوان والنبات والبر والبحر والسهل والجبل والأرض والسماء وغيرها، وكل منها عن كل منها، وفيه فساد السماوات والأرض وما فيهن، ووحدة النظام الكوني والتئام أجزائه واتصال التدبير الجاري فيه يكذبه.
وهذا هو المراد بقوله: * (إذا لذهب كل إله بما خلق) * أي انفصل بعض الآلهة عن بعض بما يترشح منه من التدبير.
وقوله: * (ولعلا بعضهم على بعض) * محذور آخر لازم لتعدد الآلهة تتألف منه حجة أخرى على النفي، بيانه: أن التدابير الجارية في الكون مختلفة، منها: التدابير العرضية كالتدبيرين الجاريين في البر والبحر والتدبيرين الجاريين في الماء والنار، ومنها: التدابير الطولية التي تنقسم إلى تدبير عام كلي حاكم، وتدبير خاص جزئي محكوم، كتدبير العالم الأرضي وتدبير النبات الذي فيه، وكتدبير العالم السماوي وتدبير كوكب من الكواكب التي في السماء، وكتدبير العالم المادي برمته وتدبير نوع من الأنواع المادية.