وغيرهما فلله سبحانه أعلى ذلك الوصف وأرفعها من مرتبة تلك الموجودات المحدودة، كما قال:
* (ولله الأسماء الحسنى) * (1).
وذلك أن كل وصف من أوصاف الكمال اتصف به شئ مما في السماوات والأرض فله في حد نفسه ما يقابله، فإنه مما أفاضه الله عليه وهو في نفسه خال عنه، فالحي منها ميت في ذاته، والقادر منها عاجز في ذاته، ولذلك كان الوصف فيها محدودا مقيدا بشئ دون شئ وحال دون حال... وهكذا، فالعلم فيها مثلا ليس مطلقا غير محدود بل محدود مخلوط بالجهل بما وراءه، وكذلك الحياة والقدرة والملك والعظمة وغيرها.
والله سبحانه هو المفيض لهذه الصفات من فضله، والذي له من معنى هذه الصفات مطلق غير محدود وصرف غير مخلوط، فلا جهل في مقابل علمه، ولا ممات يقابل حياته... وهكذا، فله سبحانه من كل صفة يتصف به الموجودات السماوية والأرضية - وهي صفات غير ممحضة ولا مطلقة - ما هو أعلاها، أي مطلقها ومحضها.
فكل صفة توجد فيه تعالى وفي غيره من المخلوقات فالذي فيه أعلاها وأفضلها، والذي في غيره مفضول بالنسبة إلى ما عنده.
ولما كانت الإعادة متصفة بالهون إذا قيس إلى الإنشاء فيما عند الخلق فهو عنده تعالى أهون، أي هون محض غير مخلوط بصعوبة ومشقة، بخلاف ما عندنا معاشر الخلق، ولا يلزم منه أن يكون في الإنشاء صعوبة ومشقة عليه تعالى، لأن المشقة والصعوبة في الفعل تتبع قدرة الفاعل بالتعاكس، فكلما قلت القدرة كثرت المشقة، وكلما كثرت قلت، حتى إذا كانت القدرة غير متناهية انعدمت المشقة من رأس، وقدرته تعالى غير متناهية فلا يشق عليه فعل أصلا وهو المستفاد من قوله: * (إن الله على كل شئ قدير) * فإن القدرة إذا جاز تعلقها بكل شئ لم تكن إلا غير متناهية، فافهم ذلك (2).
[2971] الدليل الرابع لاثبات المعاد الكتاب * (فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحي الموتى وهو على كل شئ قدير) * (3).
* (والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور) * (4).
* (فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون) * (5).
التفسير:
قال العلامة الطباطبائي في تفسير الآية الأولى: والمراد بقوله: * (إن ذلك لمحيي الموتى) * الدلالة على المماثلة بين إحياء الأرض الميتة وإحياء الموتى، إذ في كل منهما موت - وهو