الواقعة، وأكثرها - وهو الأصح - أنها كانت في رجب السنة الثانية من الهجرة الشهر السابع عشر منها (1).
بحث علمي:
تشريع القبلة في الإسلام، واعتبار الاستقبال في الصلاة - وهي عبادة عامة بين المسلمين - وكذا في الذبائح، وغير ذلك مما يبتلى به عموم الناس أحوج الناس إلى البحث عن جهة القبلة وتعيينها وقد كان ذلك منهم في أول الأمر بالظن والحسبان ونوع من التخمين، ثم استنهض الحاجة العمومية الرياضيين من علمائهم أن يقربوه من التحقيق، فاستفادوا من الجداول الموضوعة في الزيجات لبيان عرض البلاد وطولها، واستخرجوا انحراف مكة عن نقطة الجنوب في البلد، أي انحراف الخط الموصول بين البلد ومكة عن الخط الموصول بين البلد ونقطة الجنوب (خط نصف النهار) بحساب الجيوب والمثلثات، ثم عينوا ذلك في كل بلدة من بلاد الإسلام بالدائرة الهندية المعروفة المعينة لخط نصف النهار، ثم درجات الانحراف وخط القبلة.
ثم استعملوا لتسريع العمل وسهولته الآلة المغناطيسية المعروفة بالحك، فإنها بعقربتها تعين جهة الشمال والجنوب، فتنوب عن الدائرة الهندية في تعيين نقطة الجنوب، وبالعلم بدرجة انحراف البلد يمكن للمستعمل أن يشخص جهة القبلة.
لكن هذا السعي منهم - شكر الله تعالى سعيهم - لم يخل من النقص والاشتباه من الجهتين جميعا.
أما من جهة الأولى: فإن المتأخرين من الرياضيين عثروا على أن المتقدمين اشتبه عليهم الأمر في تشخيص الطول، واختل بذلك حساب الانحراف فتشخيص جهة الكعبة، وذلك أن طريقهم إلى تشخيص عرض البلاد - وهو ضبط ارتفاع القطب الشمالي - كان أقرب إلى التحقيق، بخلاف الطريق إلى تشخيص الطول، وهو ضبط المسافة بين النقطتين المشتركتين في حادثة سماوية مشتركة، كالخسوف بمقدار سير الشمس حسا عندهم، وهو التقدير بالساعة، فقد كان هذا بالوسائل القديمة عسيرا وعلى غير دقة، لكن توفر الوسائل وقرب الروابط اليوم سهل الأمر كل التسهيل، فلم تزل الحاجة قائمة على ساق، حتى قام الشيخ الفاضل البارع الشهير بالسردار الكابلي - رحمة الله عليه - في هذه الأواخر بهذا الشأن، فاستخرج الانحراف القبلي بالأصول الحديثة، وعمل فيه رسالته المعروفة ب " تحفة الأجلة في معرفة القبلة " وهي رسالة ظريفة بين فيها طريق عمل استخراج القبلة بالبيان الرياضي، ووضع فيها جداول لتعيين قبلة البلاد.
ومن ألطف ما وفق له في سعيه - شكر الله سعيه - ما أظهر به كرامة باهرة للنبي (صلى الله عليه وآله) في محرابه المحفوظ في مسجد النبي بالمدينة.
وذلك أن المدينة على ما حاسبه القدماء كانت ذات عرض 25 درجة وطول 75 درجة 20 دقيقة، وكانت لا توافقه قبلة محراب النبي (صلى الله عليه وآله)