هيهات هيهات! فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف محاسب، أما تلوت قصة سحرة موسى (عليه السلام) (1).
- عنه (عليه السلام): إذا هبطتم وادي مكة فالبسوا خلقان ثيابكم، أو سمل ثيابكم، أو خشن ثيابكم، فإنه لن يهبط وادي مكة أحد ليس في قلبه شئ من الكبر إلا غفر الله له، فقال عبد الله بن أبي يعفور: ما حد الكبر؟ قال: الرجل ينظر إلى نفسه إذا لبس الثوب الحسن يشتهي أن يرى عليه، ثم قال: * (بل الإنسان على نفسه بصيرة) * (2).
أقول: قال أبو حامد في بيان حقيقة الكبر:
اعلم أن الكبر ينقسم إلى ظاهر وباطن، والباطن هو خلق في النفس، والظاهر هو أعمال تصدر من الجوارح، واسم الكبر بالخلق الباطن أحق، وأما الأعمال فإنها ثمرات لذلك الخلق، وخلق الكبر موجب للأعمال، ولذلك إذا ظهر على الجوارح يقال: تكبر، وإذا لم يظهر يقال: في نفسه كبر، فالأصل هو الخلق الذي في النفس، وهو الاسترواح والركون إلى رؤية النفس فوق المتكبر عليه، فإن الكبر يستدعي متكبرا عليه ومتكبرا به، وبه ينفصل الكبر عن العجب كما سيأتي، فإن العجب لا يستدعي غير المعجب، بل لو لم يخلق الإنسان إلا وحده تصور أن يكون معجبا، ولا يتصور أن يكون متكبرا إلا أن يكون مع غيره، وهو يرى نفسه فوق ذلك الغير في صفات الكمال، فعند ذلك يكون متكبرا، ولا يكفي أن يستعظم نفسه ليكون متكبرا فإنه قد يستعظم نفسه ولكن يرى غيره أعظم من نفسه أو مثل نفسه فلا يتكبر عليه، ولا يكفي أن يستحقر غيره فإنه مع ذلك لو رأى نفسه أحقر لم يتكبر ولو رأى غيره مثل نفسه لم يتكبر، بل ينبغي أن يرى لنفسه مرتبة ولغيره مرتبة، ثم يرى مرتبة نفسه فوق مرتبة غيره، فعند هذه الاعتقادات الثلاثة يحصل فيه خلق الكبر، لا أن هذه الرؤية هي الكبر، بل هذه الرؤية وهذه العقيدة تنفخ فيه فيحصل في قلبه اعتداد وهزة وفرح وركون إلى ما اعتقده، وعز في نفسه بسبب ذلك، فتلك العزة والهزة والركون إلى المعتقد هو خلق الكبر، ولذلك قال النبي (صلى الله عليه وآله): أعوذ بك من نفخة الكبرياء (3).
[3436] ذم التبختر في المشي الكتاب * (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) * (4).
* (ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور) * (5).
* (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) * (6).
- الإمام الباقر (عليه السلام) - في قوله تعالى: * (ولا تمش