ولا يبعد منع الانصراف إلى المتعارف، نظرا إلى أن العموم الاستغراقي إنما هو مفيد لعموم الأفراد - لا الأنواع - على مقتضى الوضع والعرف، وحمله على استغراق الأنواع مما لا شاهد له، فإذا اشتمل (1) الأفراد عموما، فإما أن يراد منه الأفراد المتعارفة، أو مطلقا.
فعلى الثاني: يلزم العموم مطلقا، وهو المطلوب.
وعلى الأول: فاللازم عدم إمكان التمسك بها في الأفراد القليلة الوقوع من البيع والصلح وغير ذلك من الأنواع المتعارفة أيضا، لأنها غير داخلة، فتنتفي ثمرة الآية في الاستدلال، إذ لا يقع الشك الموجب للتمسك بها إلا في فرد له نوع ندرة.
مضافا إلى إطباق الأصحاب على التمسك بها في الأفراد النادرة من الأنواع الغالبة، بل في الأفراد التي هي أشد ندرة بحيث لا يكاد يقع، وليس هذا إلا لعدم الانصراف إلى المتعارف.
مع أنا نقول: إن عدم تعارف الوجود لا يضر في دلالة العام، لأنه يشمل النادر أيضا، وإنما ذلك يمنع في المطلق، مضافا إلى أن المانع غلبة الإطلاق، وأما غلبة الوجود إذا لم يكن في إطلاق اللفظ عليه شبهة فنمنع الانصراف.
وما يقال: إنه لا منافاة بين التعميم في الأفراد للنادرة (2) وفي الأنواع إلى الغالبة.
قلت: نعم، لا منافاة في ذلك، لكن الحمل يحتاج إلى دليل، إذ الحمل إما أن يكون للغلبة فلا وجه لإدخال الأفراد النادرة، بل ينبغي عدم إدخالها، لأن الفرد إنما هو مورد العموم، فلا وجه لأن يقال بخروج النوع النادر دون الفرد. وإن كان احتمال (3) إرادة العهد من العام فلا قرينة له سوى غلبة الوقوع، وهو مشترك بين النوع والفرد.
والحاصل: لم أجد وجها في إخراج الأنواع النادرة دون الأفراد النادرة من