السابق، فإنه مخرج عن إرادة العهد بما سبق، لدلالة ذكر هذه الأحكام بعده على دخولها في العموم جزما، وإذا تعدينا عن المعهود إلى غير المعهود كشف عن عدم إرادة العهد، ولا فارق بين أفراد غير المعهود، فتبصر.
وإن استند في ذلك إلى كلام صاحب الكشاف (1) فهو غير مفيد للانحصار - فلاحظ - ثم معارض بكلام أهل التفسير المعممين للعقود، مع ما فيه من الأجوبة التي لا نطيل الكلام بذكرها مع وضوح المدعى.
ودفع دلالة الآية الكريمة الظاهرة بمثل هذه الاحتمالات الواهية مما لا ينبغي صدوره عن متفقه، فضلا عن فقيه! ولا يعد أمثال ذلك دقة في الفهم ولا غورا في المطلب، وإنما هو انحراف عن جادة الذوق السليم بعروض التخيلات التي لا تليق بشأن أصحاب الفنون، سيما مع إطباق أصحابنا الأعلام خلفا بعد سلف على التمسك بها من دون التفات إلى هذه المناقشات. ولا ريب [في] (2) أن نظرهم ثاقب وتأملهم غالب.
وثالثها (3): أنه لو حمل الآية الشريفة على العموم لزم الجمع فيها بين إرادة التأكيد والتأسيس، إذ لا ريب في كون بعض أفراد العقود كان وجوب الوفاء به معلوما قبل نزول الآية، فيصير بالنسبة إلى ذلك البعض تأكيدا وبالنسبة إلى ما عداه تأسيسا، وهو غير جائز، إذ ما دل على عدم جواز استعمال المشترك في أكثر من معنى يدل على عدم جواز هذا أيضا، فلابد إما من الحمل على التأكيد أو التأسيس فلا عموم. وحمله على باب التناسي أيضا خلاف الأصل - كالتخصيص - فالترجيح يحتاج إلى دليل.
وأنت خبير بأن هذا أوهن من سابقه، إذ ما دل على المنع في المشترك إما عدم ثبوت الاستعمال وهو فيما نحن فيه ثابت ولا يمكن إنكاره ظاهرا، وإما لزوم التناقض لو أدخلنا (الوحدة) وهو هنا غير موجود، وليس كون شئ تأكيدا