وربما يناقش فيه بأن الفاضل مع نقله الإجماع قال: (والوجه عندي البطلان) (1) ولو كان هذا إجماعا لم يكن لقوله: (والوجه) وجه، ويمكن دفعه بأن كلامه يمكن كونه في قبال رواية ضعيفة أو في قبال فتوى العامة ونحو ذلك، فلا يدل على التردد.
وثالثها: أن الأصل في العقود أولا هو الفساد، وكذا الإيقاع، وما ثبت من الأدلة صحته إنما هو في غير عقد الصبي، فإن العمومات لا تشمله، وسيأتي توضيحه.
ورابعها: أن الصبي محجور عليه في التصرفات مسلوب الأهلية، والعقد أيضا من جملة ذلك، وإن كان يرد عليه: أن محض العقد ليس بتصرف. وينتقض بالسفيه، فإنه محجور عليه مع أن عبارته ليست مسلوبة، فيصح بالتوكيل والاستئذان.
وخامسها: أن صحة العقد تستلزم ترتب الآثار والأحكام، واللوازم من الأمور الواجبة والمحرمة، وهذه الأحكام لا تثبت للصبي لرفع القلم عنه، ونفي اللوازم نفي للملزومات، ويشكل باحتمال القول بالصحة بإذن الولي أو إجازته مع كون المكلف بترتيب الأحكام هو الولي ولا محذور.
وسادسها: الأخبار المستفيضة الدالة على عدم صحة معاملات الصبي وعقوده، المنجبر ضعف أسانيدها بما مر من الفتوى والعمل.
منها: أن الجارية إذا تزوجت ودخل بها ولها تسع سنين ذهب عنها اليتم، ودفع إليها مالها، وجاز أمرها في الشراء والبيع، وأقيمت عليها الحدود التامة، واخذ لها بها. والغلام لا يجوز أمره في الشراء والبيع ولا يخرج عن اليتم حتى يبلغ خمس عشرة سنة، أو يحتلم، أو يشعر، أو ينبت قبل ذلك (2).
ومنها: الخبر عن اليتيم متى يجوز أمره؟ قال: حتى يبلغ أشده. قال: وما أشده؟
قال: احتلامه (3).