وهذا نظير ما نقول: إن المنطوق إذا خرج عن الحجية بمعارض ونحوه فلا عبرة بالمفهوم، فتدبر.
وثانيهما: أنه نفرض صدور العقد من بالغ وصبي فنتمسك بالعموم من طرف البالغ ونثبت بذلك الصحة من جانب الصبي بعدم إمكان التكفيك، ثم نثبت صحة العقد الواقع بين الصغيرين أيضا بالإجماع المركب. أو نفرض صدور عقود مترتبة على عقد الصغير من البالغين الكاملين بعد وقوع العقد من الصغير فتتمسك في العقود المترتبة اللاحقة بعموم (أوفوا بالعقود) ونثبت بذلك عقد الصغير، لعدم إمكان الصحة اللاحقة بدونه.
والجواب: بمنع شمولها للبالغ العاقد للصبي (1) أولا، وبأن الواجب الوفاء بالعقد وأما الوفاء بنفس الإيجاب أو بنفس القبول فلم يدل على ذلك دليل إلا في ضمن الوفاء بالعقد، فلو كان العقد واجب الوفاء فيكون الإيجاب أيضا كذلك وكذا القبول، وهنا لم يثبت لزوم الوفاء بالمجموع المركب، إذ لا معنى لوفاء أحد الطرفين بمجموع الإيجابين. ولو سلم ذلك، فنقول: الظاهر أن المتبادر من العموم هو الارتباط، بمعنى: أن الوفاء من جانب يتوقف على الوفاء من آخر، وليس تعبديا محضا - وقد مر تحقيق هذا المطلب في بحث أصالة الصحة، وفي بحث كون الإقالة على القاعدة - فمتى كان المدلول الارتباط وعلمنا عدم لزوم الوفاء على الصبي قطعا فلا يمكن القول بلزوم الوفاء على البالغ، فنقول: لا يجب الوفاء على الصبي بالإجماع على عدم تكليفه، فكذا البالغ، لعدم إمكان الفرق، ومن ذلك يظهر جواب باقي الإيراد، وهنا كلام يظهر بعد التأمل لا نطيل بذكره.
وأما العمومات الوضعية: فإنها مسوقة لبيان حكم آخر، ولا عموم فيها حتى يشمل المقام، والظاهر انصرافها إلى الأفراد المتعارفة التي نشك في كون المقام منها، مضافا إلى أن العموم لو سلم فيخصص بما ذكرناه من النصوص والإجماع.