الدعوى ودفع هذا المال لزيد حتى تحصل البراءة، ولا (1) يكون هنا مطالبة جديدة، وهو الذي يدعيه عمرو وزيد لا يقبله، فالدعوى الأولى ارتفعت بالثبوت، وهناك كان زيد لو ترك ترك، وفي الدعوى الثانية عمرو لو ترك دعوى الدفع يترك من هذه الجهة، ولا كلام لزيد معه وإن طالبه بالحق المقر به، فيكون المراد: لو ترك يترك من هذه الجهة وإن كان يطالب بأمر آخر، كما هو قضية اعتبار الحيثيات.
والظاهر أن أجود هذه التعاريف هو (ما لو ترك ترك) وينطبق ما عداه من التعاريف عليه غالبا.
وأما مخالفة الظاهر: فهو في كمال التشويش والاضطراب، إذ الظواهر العرفية والعادية لا ضابط لها، ولا خصوصية لبعضها عن الاخر، ولازم ذلك حينئذ سماع قول غني ادعى على فقير كان معه في المنزل أنه أعطاه كذا، وسماع قول الزوج على زوجته، وسماع قول العدل على الفاسق، ونحو ذلك من الظواهر. ومن هذا الباب: تفريع بعض العامة: عدم سماع دعوى خسيس أنه أقرض ملكا مالا، أو نكح ابنته، أو استأجره لسياسة دوابه، فإن منشأ عدم السماع هو مخالفته للظاهر بحسب العادة.
وبالجملة: بناء مسألة المدعي على مخالفة الظاهر بهذا المعنى مما يبعد في النظر جدا، لأنه خلاف المتبادر من (المدعي) عند الانصراف. ولأن من البعيد شرعا ابتناء هذا الأمر العظيم الذي عليه مدار نظام العالم وبقاء السياسات على أمر غير منضبط مختلف بحسب العادات والأحوال، مع أن بناء الشرع على الضبط في نظائر هذه الأمور كما يعلم من جعل اليد سببا للملك، والفراش سببا للحوق الولد ونحو ذلك. ولأن المعلوم من الشرع أن بعد تكافؤ كلامي المدعي والمنكر من سائر الجهات لا وجه (2) لتقديم قول أحدهما ومطالبة الاخر بالبينة، إلا من جهة موافقته لما هو حجة مبني عليها شرعا، غايته: أن مقام الدعوى زاد عليه يمينا حتى يدفع