المشتري مطلقا كما ذهب إليه جماعة (1) طرحا للنص لضعفه. وإما للتنبيه على إدراج الفرع تحت القاعدة وما وقع في فهم ذلك من الخلاف بينهم، كما لا يخفى، وإلا فليس هذه المسائل أمورا محتاجة إلى قاعدة غير ما قررناها، فعليك بالتأمل التام في تميز المدعي من المنكر، فإنه من مطارح الأفهام (2) سيما في بعض الفروع الخفية.
ولنشر إلى بعض الصور حتى يصير تنبيها للباقي على نحو ضابط كلي، فهنا أمور:
أحدها: أنا قد أشرنا سابقا: أن المدعي من خالف قوله الأصل، والأصل: إما البراءة أو الاستصحاب أو قاعدة الشغل، وإما أصالة الصحة في العقود والإيقاعات، وإما أصالة الصحة المقابلة للعيب في الموضوعات الخارجية من عين أو منفعة، وإما أصالة العدم المطلق الأعم، وإما أصالة الملكية في اليد والنسب في الفراش.
فدعوى كل شئ يوجب اشتغال ذمة شخص لم يعلم اشتغاله بذلك سابقا تحتاج إلى إثبات، ومن هذا الباب: دعوى مال في ذمته (3) أو كونه متلفا له (4) أو متعديا، أو مفرطا، أو غاصبا، أو جانيا، أو قابضا لماله قبض ضمان فتلف تحت يده، أو آتيا بشئ من العقود الموجبة لاشتغال الذمة بعوض.
وبعبارة أخرى: لافرق بين دعوى كون الذمة مشغولة مع السكوت عن ذكر السبب، وبين ذكر السبب الموجب للشغل. وينبغي أن يعلم: أن في السبب لابد من ذكره على نحو يستلزم الشغل بحيث لا يكون له صورة أخرى محتملة لا توجب الشغل، وإلا لم يكن دعوى للشغل.