وثالثها: النصوص الواردة في هذا الباب:
منها: ما ورد في الأخبار: من كون العلماء ورثة الأنبياء (1) وهذا المعنى ورد في روايات كثيرة، ولكن الكلام في دلالته (2) على المدعى بعد الإغماض عن سنده والوثوق فيه إلى شهرة الرواية بل الصحة في بعضها.
فنقول: ظاهر قولهم: (فلان وارث فلان) أن كل ما عنده قد انتقل إليه وصار عنده، ولا ريب أن الأنبياء كان لهم الولاية على الرعية مطلقا، إلا فيما كان حكم الله على عدمه، فينبغي ثبوت هذا المعنى في العلماء أيضا، وهو المدعى.
ويرد على هذا القسم من الأخبار إشكالات:
أحدها: أن إضافة الإرث إلى الأنبياء تقضي بكون (3) المراد من (العلماء) الأوصياء، لأنهم ورثة الأنبياء دون العلماء، إذ الظاهر من الإضافة كونه من دون واسطة، لا مع الواسطة، ولا ريب أن لكل نبي وصيا وهو وارثه، والعلماء في كل أمة لا يكونون إلا ورثة الأوصياء وورثة النبي مع الواسطة، فيدور الأمر بين حمل الوارثية على ما هو بالواسطة، وبين حمل (العلماء) على الأوصياء، ولا ريب أن التخصيص أولى من المجاز، غايته تساوي الاحتمال المسقط للاستدلال. بل الظاهر أن حمل (العلماء) على الأوصياء أوضح، سيما بعد ورود تفسيره بهم في بعض المقامات التي ذكر فيه اللفظ من كتاب (4) وسنة (5).
وثانيها: أن المتبادر من كونهم ورثة الأنبياء كونهم وارثين في العلم ولا بحث في ذلك، إذ ليس العلم إلا في العلماء، ولا يتخيل حينئذ كون الخبر إفادة للبديهي، إذ الغرض من ذلك بيان شرف العلم حتى لا يتخيل من فقر العلماء وعدم وجود