من الآية، ولا يثبت على الثاني من هذه الآية، وإن فرض ثبوت اللزوم بغيره.
والذي يقتضيه النظر هو الأول (1) وليس الاستدلال من هيئة الأمر المفيد للوجوب، بل المدرك إنما هو مادة (الوفاء) فإن الوفاء على شئ البقاء على ما هو مؤداه أولا، ولا ريب أن مؤدى العقد - مثلا - هو التمليك أو نحوه، والوفاء بهذا المؤدى البقاء على هذا الأثر وإبقاؤه أو عدم ازالته، وهو معنى اللزوم.
والظاهر: أن كونه لازما أو جائزا ليس إلا وجوب الإبقاء والوفاء وعدمه، لا أن الوفاء واجب في الجائز واللازم.
ومن تأمل في دلالة لفظ (الوفاء) لا يجد ريبا فيما ذكرناه، ويكفي في قوة هذا المعنى ووضوحه فهم الأصحاب منها (2) ذلك واستدلالهم قديما وحديثا بها عليه.
ولم يصدر هذا الاحتمال إلا من آية الله العلامة - أعلى الله مقامه - في بعض كتبه (3) مع أنه وافق الأصحاب في الاستدلال به في سائر كتبه.
وغير خفى أن غرضه من ذكر هذا مجرد بيان ذكر ما يمكن أن يذكر، وذكره منجزا يقوم مقام الاحتمال، لأنه في فتاويه غالبا يستوفي الاحتمالات تقوية للنظر واستعمالا لقوة التخريج، فمجرد قوله: بأن الوفاء هو العمل بمقتضاه إن جائزا فجائزا وإن لازما فلازما (4) لا ينبغي أن يجعل موجبا للإجماع في الآية مع ما أوضحناه من السبيل، فتدبر.
وبقي هنا كلام، وهو أن العقد قد يكون لازما من الطرفين، كالبيع والصلح والإجارة والضمان والحوالة. وقد يكون جائزا من الطرفين، كالوكالة والمضاربة والشركة والعارية والوديعة والجعالة ونحو ذلك. وقد يكون جائزا من طرف ولازما من آخر، كالرهن، فإنهم يقولون: إنه جائز من قبل المرتهن لازم من طرف