ذلك البستان أو من غيره يأكله، ولا يفهمون من هذا الخطاب في هذا المقام إلا كونه مقيدا بالعلم وأن الخارج ما علم كونه من ذلك البستان لا ما هو كذلك واقعا، وطريقة أهل العرف حجة، إذ ليس إلا من فهمهم من الخطاب ذلك.
وثانيها: أن إخراج نوع خاص أو صنف خاص من ذلك العام يدل على كون ذلك الوصف المأخوذ في المخصص من الموانع.
بعبارة أخرى: يعلم من ذلك أن الدخول تحت العام وكونه من أفراده مقتض لهذا الحكم، وإنما المانع هو هذا الوصف المأخوذ في العنوان، وإذا صار كذلك، فلو شك في كونه من ذلك البستان - مثلا - وعدمه في المثال السابق يصير الشك في وجود المانع مع العلم بالمقتضي، ولا ريب أن الأصل عدم المانع فيثبت الحكم.
واحتمال: أن كونه من غير ذلك البستان مقتض فالشك حينئذ موجب للشك في المقتضي، خلاف الظاهر من الإدخال والإخراج المفهومين من العموم والتخصيص ظاهرا، إذ ليس ظاهرهما عرفا إلا أن المقتضي عبارة عن كونه من أفراد العام، والمانع ليس إلا اتصافه بما اخذ في المخصص، فتدبر.
وثالثها: أن العام أكثر أفرادا من المخصص، بمعنى أن الخارج غالبا بل مطلقا أقل من الداخل، فإذا شك في كون هذا الفرد من أحدهما فالظن يلحقه بالعام ترجيحا لجانب الغلبة، وإن كان يرد عليه: أن هذا ليس ظنا حاصلا من الخطاب، فإن الظن بكون المشكوك من غير ذلك البستان للغلبة لا يوجب الظن بإرادته في العموم من حيث اللفظ وإن أوجب الظن بأنه من أفراد ما هو [من] (1) مظنون الإرادة، فتدبر.
وبالجملة: الكلام هنا لا يخلو عن نوع دقة، والاعتماد على فهم الفطن اللبيب.
ورابعها: أن الفرد المشتبه وإن كان يحتمل كونه من أفراد العام والمخصص في الحكم واقعا، واللفظان وإن كانا منصرفين إلى الواقع، لكن بعد طريان الاحتمال والإجمال في دخوله تحت أحدهما في الواقع يصير حكمه الواقعي مجهولا،