أو غيره يجب الوفاء به بظاهر الامر، ومسألة التخصيص ونحوها قد عرفت دفعه.
وإنما البحث في أن هذا يدل على اللزوم أم لا؟
إذ يحتمل أن يكون المراد: اللزوم.
ويحتمل أن يكون المراد: لزوم العمل بمقتضاه إن جائزا فجائزا وإن لازما فلازما، بمعنى أن يتبع في ذلك العرف، فأي عقد بني في العرف على اللزوم بين الناس بحيث لا يرجعون المال ونحوه بعد وقوع العقد أو الإيقاع، فيحكم فيها (1) باللزوم، لأن مقتضاه ذلك، والعمل بمقتضاه واجب بظاهر الآية. وما بني في العرف على الجواز، بمعنى أن طريقة الناس فيه على الرد والدفع - كالعارية والوديعة - فيحكم فيه (2) بالجواز، لأنه مقتضاه، فيجب العمل به، وجعل الجائز واجبا ليس عملا بمقتضاه، بل هو إخراج للعقد عن مقتضاه. أو يتبع في ذلك الشرع بأن يراد:
أن الوفاء بمقتضى العقد لازم، فإن علم من الشرع أنه من العقود اللازمة فيجب الوفاء به على لزومه، وإن علم أنه من الجائزة فيجب الوفاء على جوازه، والمراد بالوفاء حينئذ لزوم العمل بأحكامه وإجراء كل حكم يترتب على أحدهما شرعا عليه.
ويحتمل أن يكون المراد من (الوفاء): الاعتقاد، بمعنى أنه يلزم عليكم اعتقاد لزوم اللازم وجواز الجائز، على بعد. والظاهر رجوعه إلى ما ذكرناه قبله، وهو البناء (3) على إجراء الأحكام، فإن الاعتقاد لادخل له في ذلك.
وتظهر الثمرة في العقد الذي لم يظهر من الشرع ولا من العرف كونه مبنيا على اللزوم، فإنه يثبت لزومه من الآية (4) على الأول، دون الأخيرين.
ولو كان ظاهرا من العرف لزومه يثبت على الأولين، دون الثالث.
ولو كان ثابتا من الشرع أنه مبني على اللزوم يظهر لزومه على الأول والثالث