زوال الأثر من ملك أو نحوه إلا بمزيل شرعي، وهو معنى اللزوم، فالعقد بنفسه لا يكون قابلا لرفع آثاره بعد حكم الأصل الاستصحابي ببقائها، إلا أن يلحقه ما يوجب تلك الأهلية بنص من الشرع.
لا يقال: إن الاستصحاب لا ينافي جواز العقد ولا ينافي إمكان الفسخ، إذ الاستصحاب عبارة عن بقاء ما كان على ما كان، وليس الجواز في العقد عبارة عن عدم بقائه على ما كان، بل هو عبارة عن إمكان ارتفاعه، والإمكان غير ملازم للفعلية، بل هو أعم منها، فالاستصحاب غير مناف لجواز العقد بالمعنى المعروف، وإنما هو مناف لفعلية الفسخ، والكلام في إمكانه.
لأنا نقول: ليس المراد بالجواز إلا الإمكان الشرعي بحيث لو أريد الفسخ ورفع الآثار لوقع، والفرض أن الاستصحاب يقضي بعدم نقض اليقين بوجود الأثر إلا بما يوجب اليقين بزواله، والفرض أنك شاك في أن الفسخ والرفع هل هو رافع لهذا الأثر أم لا؟ فاللازم شرعا الحكم بالبقاء وعدم الارتفاع، وهو شأن اللازم من العقد، إذ لا نريد به إلا ما لو فسخته لم ينفسخ شرعا، والفرض أن المشكوك فيه لو فسخته لا ينفسخ، للاستصحاب.
وبعبارة أخرى: الاستصحاب مناف لإمكان الفسخ شرعا، بمعنى أنه قاض بأنه لو فسخ لم ينفسخ، وهو معنى الامتناع شرعا المعبر عنه ب (اللزوم) وذلك واضح.
لا يقال: إذا علمنا أن السبب في هذا الأثر إنما هو ذلك العقد جزما، وليس ذلك مجرد علة في الحدوث حتى يستصحب بعد زواله لاحتمال العلة المبقية، بل من المعلوم هنا أن هذا السبب علة في الحدوث بحيث لو ارتفع هذا لارتفع الأثر جزما، والفرض أن السبب قد أسقطه الفسخ والرجوع، فلا وجه للاستصحاب.
لأنا نقول: ليس الغرض الاستصحاب لاحتمال علة أخرى مبقية، بل المراد إبقاء الأثر للشك في زوال علته المحدثة والمبقية، بمعنى أن بعد الفسخ نشك في زوال هذا السبب وعدمه، فنستصحب السبب ونستصحب الأحكام اللاحقة له معا،