يختص به، بل يعم سائر المعاوضات: من إجارة وصلح ونكاح ومسابقة وجعالة ومزارعة ومساقاة ومضاربة ونحو ذلك، بل يعم غير ما فيه المعاوضة أيضا كالوكالة ونحوها، والوجه فيه: أنك قد عرفت أن الميزان في كون العقد سفهيا صدوره على نحو لا يعتد به عند الناس، وهذا معقول في سائر العقود، بل هذا جار في الشروط أيضا، فإن الشرط قد يكون سفهيا، وتوضيح ذلك بالأمثلة في الجملة أن يقال: مثلا لو زاد في عوض الإجارة وغيرها من المعاوضات ما لا يقدم عليه إلا سفيه أو نقص كذلك فيصير كالبيع، أو جعل أحد العوضين مما لا ينتفع به عقلا أو شرعا كبيع الحشار والديدان (1) والمزارعة على أرض لا ماء لها بالمرة ولو بالغيث في العادة، أو على أرض لا يتمكن من زرعه، أو زارعه على أن يزرع فيه شيئا من الحبوب لا يؤكل، أو جعل عوض الجعالة ما لا نفع فيه، أو جعل العوض لما لا نفع فيه كرفع صخرة أو ذهاب إلى أرض مظلم أو نحو ذلك، وكالمضاربة بشرط أن يشتري بزائد ويبيع بناقص ونظائر ذلك، ونحوه الرهن الذي اشترط الراهن لنفسه الخيار في فك الرهن وفسخ العقد وأن لم يؤد المال، والوكالة على أمر جزئي كأخذ حبة حنطة أو حفظها ونحو ذلك.
وبالجملة: قد قدمنا في ضبط موارد العقود أن المعتبر في أغلب المعاملات إنما هو ما عليه طريقة أغلب الناس وعادة أكثر العقلاء، وما خرج عن ذلك فمما لا يعتد به عندهم، ويندرج تحت أفعال السفهاء بحسب الشأن، وهذه تعد معاملة سفهية في أي عقد من العقود اتفقت، وفي أي باب كانت، ويندرج في هذا المقام فروع كثيرة حكم فيها الأصحاب بالفساد، وليس شئ منها فاسدا إلا لأجل كونه معاملة سفهية.
ومما أشرنا إليه في الأمثلة تتنبه على استخراج الفروع المسطورة في كلمة الأصحاب وتنتقل إلى استنباط ما أغفلوه.