عادة بحيث لو صدر عن واحد منهم يعلم أن هذا على خلاف طريقة العقلاء.
وربما يستفاد من بعض العبائر: أن المعاملة السفهية ما دل على سفه فاعله، فتكون السفهية عبارة عن كون فاعله سفيها، ويكون وجه الامتياز بين المقام وبين عموم أدلة اعتبار الرشد في الماليات: أن المتعاقدين مرة يعلم سفههما أو سفه أحدهما قبل المعاملة بطرق الاختبار، ثم تصدر عنهما المعاملة، فهذه معاملة سفيه تتوقف على إجازة الولي على المشهور المنصور. ومرة يعلم سفههما بنفس المعاملة، بمعنى: أن بصدور مثل هذه المعاملة يعلم كونهما سفيهين وإن لم يكونا سفيهين قبل ذلك، فلا يرد عليه: أن هذه المعاملة لو كانت معاملة سفيه انكشف سفهه بهذه المعاملة، فلا وجه للتقييد في زيادة الثمن ونقصانه بعدم أدائه إلى السفه، فإن اشتراط الرشد من الأمور الواضحة المذكورة في أول الشرائط، فينبغي أن يقال: إلا أن يكون المتعاقدان أو أحدهما سفيها ووجه الدفع ما ذكرناه من الفرق بين كون السفه معلوما قبل المعاملة أو بنفس المعاملة.
ولكن هذا الكلام مختل النظام، لوجوه واضحة:
أحدها: أن معاملة السفيه لا تقع باطلة، بل يمكن أن تكون صحيحة بإذن الولي، لأن عبارة السفيه ليست [كعبارة] (1) المجنون والطفل، ولهذا يجوز أن يكون وكيلا عن الغير. نعم، هو محجور عن التصرف في ماله، فإذا اذن الولي في تصرف خاص يكون كالوكيل عن الغير أو الفضولي مع الإجازة، ولا مانع من صحته.
بخلاف المقام، فإن المعاملة السفهية باطلة بالمرة من أصلها، وليس له وجه صحة مطلقا، فإدراج المقام تحت معاملة السفيه لا وجه له.
وثانيها: أن السفه والرشد كسائر الصفات المتقابلة من الموضوعات الخارجية التي تعلم بأماراتها المعتادة، ولا ريب أن الرجل البصير بالأمور الناقد في جميع ماله وما عليه لا يعد سفيها قطعا، مع أنه يمكن صدور هذه المعاملة عنه اقتراحا،