وخيار الاشتراط اشتراط الخيار - لكان له أيضا وجه.
وبالجملة: فوات الشرط يوجب الخيار، وعللوه بأمور:
أحدها: أن ثبوت ذلك إنما هو مقتضى الشرط، فإن معناه أنه لو انتفى فلا عقد.
وأورد عليه الفاضل المعاصر النراقي: إن الشرط هنا لغوي، بمعنى الإلزام - على ما يراه من معنى الشرط - ولا ربط لذلك بالخيار في العقد عند انتفائه، نعم.
يتم هذا لو كان الشرط أصوليا، بمعنى الانتفاء عند الانتفاء (1).
قلت: لعل معنى كلامهم: أن مقتضى الشرط هو الربط، فالإلزام والايجاب وقع على أمرين مع الارتباط، فإذا فات أحدهما فقد دخل الضرر فيتسلط على الخيار دفعا له، وليس هذا كتبعض الصفقة حتى يقسط العوض، لأن الشرط ليس جزءا وإن كان له قسط من الثمن، وإنما هو كالوصف، وقد حققنا سابقا - في ضبط موارد العقود - أن الأوصاف لا تقابل بالاعواض وإن تفاوتت بها القيم (2). وقولهم: (قسط من الثمن) معناه: أن له دخلا في ذلك، لا أنه مقابل بالعوض، وقد قررنا سابقا أن الضرر موجب للخيار، ونبرهن على ذلك في مبطلات العقود إن شاء الله تعالى.
وظاهر كلامه (3): أن الشرط لو كان أصوليا لتم هذا الكلام على ما فهمه.
وأنت خبير بأن العاقد إذا شرط: فإما أن يريد به الانتفاء عند الانتفاء لأصل العقد فلا وجه للخيار ولازمه البطلان، وإن كان لدوامه فكذلك، لارتفاع المشروط بارتفاع شرطه، وإن كان للزومه فلا وجه لقول العاقد: (شرطت في لزوم العقد) فإن ذلك حكم وضعي توقيفي، فلا وجه لاحتمال أن الشرط أصولي ينتفي بانتفائه.
وثانيها: أن التراضي حصل معه، فإذا تعذر يرجع إليه.
وأورد عليه النراقي: أن ظاهر المتعاقدين النقل والإلزام، وأما الالتفات إلى العدم عند العدم فالأصل عدمه. ولا يعتبر احتمال عدم التراضي في أمثاله، وإلا لزم ذلك في أكثر العقود التي غفل عن لوازمها أكثر الناس، بحيث أنه لو علم بها لم يرض. وأصالة عدم الرضا إلا بالشرط مدفوعة بظاهر لفظهما، فالأصل عدم الخيار