وليس في شئ من ذلك استيثاق. ومجرد بناء المتعاقدين على عدم الفسخ لا يجعل ذلك موثقا، لأن ذلك إنما هو معنى أصل العهد، فإن المراد به العزم على الإتيان دون الفسخ، فما لم يثبت استيثاق لا يدخل في الآية، وأنى للمستدل باثباته؟
والجواب أولا: بأن من فسر العقد بالعهد المؤكد صرح بدخول عقود الناس فيه، وهو كاشف عن إرادته من التوثيق معنى هو موجود فيها، وإلا لم يصرح بدخولها (1).
وثانيا: أنه معارض بذكر أهل التفسير وكثير من أهل اللغة دخول البيع ونظائر ذلك تحت العقد، من دون إشارة إلى كون الدخول من جهة لزومه الموجب للتوثيق.
وثالثا: بأن تصريح أهل التفسير على العموم قرينة على عدم إرادة التوثيق بما ذكر.
ورابعا: بأنه قد ذكر في الأخبار إطلاق العقد على هذه العقود المعروفة غالبا (2) وهو كاشف عن دخولها تحت العقود في الآية، من دون حاجة إلى اعتبار معنى التوثيق، أو كفاية ما هو المعتبر في العقد في حصوله، فلا تذهل.
وخامسا: بأن العهد لما كان يتحقق من جانب واحد فيكون حصوله من الجانبين وثوقا عرفا، إذ لا ريب أن ما هو من الطرفين أوثق مما هو من الواحد، وهو موجود في العقود كلها.
وإلى هذا المعنى يشير قول بعض أهل اللغة: إن العهد يصير من جانب، والعقد لا يكون إلا بين اثنين (3).
وسادسا: بأن التوثيق ليس إلا التأكيد والمبالغة، ولا ريب أن حقيقة العهد ليس إلا الالتزام، وهو يوجد بعقد القلب من دون حاجة إلى شئ آخر، والعقود الفقهية