وبعبارة أخرى: كل ما هو مطلوب شرعا مأمور به يكون مقتضى القاعدة فيه اشتراط المباشرة وعدم جواز النيابة والوكالة إلا فيما دل عليه الدليل، كما دل فيما ذكرناه من الموارد، وفي أكثر العبادات عن الميت (1) كما هو المتعارف عند الناس.
ويمكن القول بأصالة الجواز، لوجوه:
أحدها: أن الوكالة عقد من العقود وكل ما شك في صحته وفساده فيرجع فيه إلى ما قررناه سابقا من أصالة الصحة.
لا يقال: إن ذلك إنما هو فيما اشتبه الحكم في العقد مع العلم بالموضوع، لا فيما اشتبه الموضوع، وما نحن فيه من اشتباه الموضوع، لأن ما لا تجوز فيه النيابة لا تجوز فيه الوكالة إجماعا، وما تجوز فيه النيابة تجوز فيه الوكالة بلا كلام، وهذا مصرح به في كلام الفقهاء، حيث ذكروا أنه يشترط في الوكالة أن يكون المورد مما تجوز فيه النيابة، وموارد الاشتباه الذي هو محل بحثنا إنما هو من شبهة الموضوع، لأنا لا نعلم أنه مما يقبل النيابة حتى تجوز فيه الوكالة، أو مما لا يقبل فلا تجوز، ولا ريب أن الأصل في شبهة الموضوع ليس هو الصحة، لأنه قد خرج عن عموم (أوفوا بالعقود) خصوص الوكالة فيما (2) لا يقبل النيابة، ولا ندري أن ما نحن فيه داخل في المستثنى أو المستثنى منه، فكيف يتمسك في ذلك أيضا بالعموم؟ ومن هنا يعلم: أن وجود دليل عام في خصوص باب الوكالة أيضا لا ينفع في أصالة الجواز، فضلا عن عموم (أوفوا بالعقود) لأنه لو فرض دليل دل على أن الوكالة جائزة بين المسلمين - كما في الصلح - نقول: لا ريب في خروج ما لا يقبل النيابة عنه، فيصير المشكوك فيه من باب الشبهة في الموضوع، فلا يمكن التمسك بالعام في هذا المقام، فتدبر.
لأنا نقول أولا: قد بينا أن الأصل في شبهة الموضوع أيضا الصحة كما ذكرناه سابقا، فراجع. وثانيا نقول: إنا لا نسلم خروج ما لا يقبل النيابة عن أدلة الوكالة بل