يدل على كون الاسترضاع من باب الإجارة، وكذلك في روايات الاسترضاع (1) فإنها كلها عبرت بلفظ الإجارة، فلا وجه لجعلها عقدا مستقلا، وكذا البئر للاستقاء والأرض للرعي فإنهما أيضا يسميان في العرف واللغة إجارة.
وتسمية المتعة أيضا (2) إجارة (3) لا تنافي، لأنه أيضا إجارة بالمعنى الأعم وإن جعل لها الشارع أحكاما خاصة، أو نقول: ثبت مجازية الإطلاق هنا بالدليل، ولا يلزم من ذلك مجازية إطلاقها على الرضاع.
وأما جعل هذه الأعيان من التوابع والمقدمات فلا وجه [له] أيضا، لأن التوابع ليست أمورا جعلية اعتبارية، بمعنى: أن كلما فرضته تابعا يصير تابعا، بل المراد بها ما هو تابع داخل في الإطلاق عرفا - كما سنحققه في بحثه - واللبن ليس من توابع المرضعة والخدمة، ولا العلف من توابع الأرض، سيما أن التابع يعتبر فيه مع كون ذاته تابعا للغير عدم كونه مقصودا بالذات وكون المقصود ما سواه، وهنا ليس كذلك، إذ ليس المقصود من الحمام إلا الماء، ومن المرضعة إلا اللبن كما لا يخفى، فكيف يمكن جعل هذا تابعا؟ مع أن ذلك مستلزم لجواز استئجار الشاة للحلب ونحو ذلك مع أنه خلاف الإجماع، وليس المنشأ إلا ذهاب العين.
وأما جعلها من باب الإجارة بتعميم المنفعة إلى كل ما يعد في العرف منفعة، فضعيف.
أولا: بإطباق الأصحاب على أن المنفعة المقصودة في الإجارة هي المنفعة الحكمية دون كل ما يعد نماءا ومنفعة بالمعنى الأعم.
وثانيا: بأن صحة الإجارة على كل منفعة بهذا المعنى تستلزم صحة الاستئجار للأرض لجمع علفها، والبستان لثمرته، والغنم ونحوه لحليبه أو لصوفه، أو نحو ذلك، فإن كل ذلك يعد منفعة في العرف، فتصير دائرة الإجارة أوسع من ذلك كله