مسألة: إذا أوصى لإنسان بثلث ماله ثم أوصى بثلث ماله لغيره ولم يجز الورثة قال الشيخ في الخلاف (1) والمبسوط (2): الوصية الثانية دافعة للأولى وناسخة لها.
واستدل في الخلاف بإجماع الفرقة والأخبار، وبأنه لو قال: العبد الذي كنت قد أوصيت به لفلان قد أوصيت به لفلان، فإن هذا يكون رجوعا عن الوصية، كذا إذا أطلق يكون رجوعا، لأنه لا فرق بين أن يقيده وبين أن يطلقه (3).
وقال في المبسوط: هما وصيتان بثلثي ماله، وهكذا إذا أوصى بعبد بعينه لرجل ثم أوصى لرجل آخر بذلك العبد بعينه فهما وصيتان ويكون الثاني رجوعا عن الأول، وفيهم من قال: لا يكون رجوعا، فمن قال: إنه ليس برجوع إن أجاز الورثة يكون لكل واحد منهما ثلث ماله، وكذا نقول من قال: هو رجوع، ولو رد أحدهما فعلى ما قلناه - من أن الثاني رجوع عن الأول - ينظر، فإن رجع الأول فلا تأثير لرجوعه، لأن الوصية له قد بطلت بالوصية للثاني، وإن رجع الثاني ولم يقبلها رجع المال إلى الورثة، لأن الوصية للأول كان قد بطلت بالوصية الثانية (4).
وقال ابن إدريس: إذا أوصى بثلث ماله لشخص ثم أوصى بثلث ماله لغير ذلك الشخص كان الثلث للأخير، وتكون الوصية الثانية ناسخة للأولى، لأن الإنسان لا يستحق من ماله بعد وفاته إلا ثلث ماله. فإذا أوصى به لإنسان ثم أوصى به بعد ذلك لآخر فقد نقل الثلث الذي يستحقه من الأول إلى