البطن الثاني، فإما أن يحكم بالوقف عليه من حين العقد وذلك مخالف لما شرطه الواقف، لأنه إنما جعله وقفا على البطن الثاني حال انقراض العبد أو بعد انقراض العبد، وهو قول بصحة الوقف المعلق على الشرط. فأما بطلان التوالي فظاهرة.
تذنيب: إذا قلنا: بصحة الوقف فهل تصرف منفعة الوقف إلى من صح في حقهم في الحال أم لا؟
قال الشيخ في المبسوط: ينظر فإن كان الذي بطل الوقف في حقه لا يمكن الوقف على بقائه واعتبار انقراضه - مثل أن يقف على مجهول أو معدوم، لأنه لا يدري كم بقاء ذلك المعدوم والمجهول - فإن منفعة الوقف ينصرف إلى من صح في حقهم في الحال، ونكون أولئك بمنزلة المعدوم الذي لم يذكر في الوقف. وإن كان الموقوف عليه أو لا يمكن اعتبار انقراضه كالعبد، منهم من قال: يصرف إليهم في الحال، لأنه لا مستحق غيرهم وهو الصحيح، ومنهم من قال: لا يصرف إليهم في الحال، لأنه إنما جعل منفعة الوقف لهم بشرط انقراض من قبلهم، والشرط لم يوجد، فيصرف إلى الفقراء والمساكين مدة بقاء الموقوف عليه أو لا، ثم إذا انقرض رجعت إليهم (1).
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا وقف وشرط أن يصرف في سبيل الله وسبيل الثواب وسبيل الخير صرف ثلثه إلى الغزاة والحج والعمرة على ما مضى من الخلاف، وثلثه إلى الفقراء والمساكين ويبدأ بأقاربه وهو سبيل الثواب، وثلثه إلى خمسة أصناف من الذين ذكرهم الله تعالى في آية الصدقة وهم:
الفقراء والمساكين وابن السبيل والغارمون - الذين استدانوا لمصلحة أنفسهم - والرقاب - وهم المكاتبون - فهؤلاء سبيل الخير، ولو قيل: إن هذه الثلاثة