وقال في المبسوط: وإن كان الورثة أولادا فإن كان له أب أوجد فليس له أيضا أن يوصي إلى من يلي عليهم إلا في قدر الثلث وقضاء الديون، لأن الأب والجد لا يليان بتولية، فإن الحاكم لا يلي أمر اليتيم مع وجود الأب والجد، ويلي عليهم مع عدمهما (1). وقوله في الظاهر جيد، وقوله في الخلاف مشكل.
وقال في موضع آخر من المبسوط كالخلاف: ويتفرع على ذلك ما لو مات الجد بعد الأب والإيصاء، فإن قلنا: لا حكم للوصية البتة كان الأمر إلى الحاكم، وإلا فإلى الولي (2).
مسألة: قال الشيخ في الخلاف: من ليس له وارث قريب أو بعيد ولا مولى نعمة لا يصح أن يوصي بجميع ماله ولا أن يوصي بأكثر من الثلث، وذهب أبو حنيفة وأصحابه وشريك إلى أن له أن يوصي بجميع ماله، وروي ذلك في أحاديثنا. ثم استدل بصحة الوصية بالثلث إجماعا، ولا دليل على الزائد.
وروى معاذ بن جبل أن النبي - عليه السلام - قال: إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم، ولم يفرق بين أن يكون له وارث أو لا (3).
وقال ابن إدريس أيضا: لا يصح إلا في الثلث (4).
وقال ابن الجنيد: روي عن أمير المؤمنين عليه السلام - إلى أن قال: - ومن أوصى بالثلث فقد بلغ المدى، يعني بذلك: إذا كان له ورثة ومن تجاوز ذلك رد إلى الثلث، ولم يجز إلا أن يشاء الورثة، فأما من لا وارث له فجائز أن يوصي بجميعه لمن شاء وفيما شاء مما أبيح الوصية فيه.