الشيخ المفيد لم يذكر اعتبار رضى المحال عليه، بل عبارته تشعر بعدم اعتبار رضاه، فإنه قال: إذا كان لإنسان على غيره مال فأحاله به على رجل ملي به فقبل الحوالة وأبرأه منه لم يكن له رجوع، ضمن ذلك المال المحال به عليه أو لم يضمن، فإن لم يقبل الحوالة إلا بعد ضمان المحال عليه ولم يضمن من أحيل عليه ذلك كان له مطالبة المديون، ولم تبرأ ذمته بالحوالة (1). وكذا قال الشيخ في النهاية (2).
وكأنه يشير بضمان المال إلى قبول الحوالة والتزامها، وانتقال الحق منه إلى ذمته.
وقال ابن إدريس: لا أرى لقول الشيخ وجها، لأنه بعد أن يقبل الحوالة فقد تحول الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، سواء ضمن ذلك أو لم يضمن، لأن الضمان به ينتقل المال من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن، وكذلك الحوالة بها يتحول الحق من ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فلا فائدة في الضمان بعد عقد الحوالة وانتقال المال وتحويله (3).
وعلى ما حققناه نحن يظهر فائدة كلام الشيخين، وأنها لم يتفطن ابن إدريس لذلك، لتوهمه أولا إلى أن الحوالة إنما تصح مع رضى الثلاثة، فإذا تمت لم يبق للضمان فائدة، وكلام الشيخين لا يعطي هنا ذلك.
مسألة: شرط الشيخ في النهاية في براءة ذمة المحيل إبراء المحتال المحيل، فإن احتال ولم يبرئ المحتال المحيل كان له الرجوع عليه أي وقت شاء (4).
وبه قال ابن الجنيد، فإنه قال: ليس له الرجوع على المحيل، إلا أن يكون