ولأنها معاوضة على مدة معلومة بأجرة معينة فكانت لازمة كالمتصل.
ولأن شرط الاتصال يقتضي عدمه فيكون باطلا، وبيان الاقتضاء: إن كل واحد من الأزمنة التي يشتمل عليها مدة الإجارة معقود عليها، وليست متصلة بالعقد، فاتصال الجزء الأول منها يقتضي عدم اتصال الآخر به.
احتج الشيخ بأن عقد الإجارة حكم شرعي، ولا يثبت إلا بدلالة شرعية، وليس على ثبوت الإجارة دليل، فوجب أن لا يكون صحيحا (١). وجعله دليلا في هذه المسألة والمسألة السابقة.
واحتج أبو الصلاح بأن صحة الإجارة يتوقف على التسليم.
والجواب عن الأول: بأن الدليل موجود، وهو قوله تعالى: ﴿أوفوا بالعقود﴾ (2) والأصل وغيرهما. وعن الثاني: بالمنع من توقف الصحة على التسليم مطلقا بل وقت الاستحقاق، ونحن نقول بموجبه.
والعجب أن ابن إدريس نقل قول الشيخ في هاتين المسألتين في المبسوط، قال: ولم يذكر هل هو قولنا أو قول غيرنا؟! فلا يظن ظان أن ذلك قول لأصحابنا (3). ولعله لم يقف على قول الشيخ في الخلاف، ولا على قول أبي الصلاح، أو لعله نسي ذلك.
مسألة: قال الشيخ في المزارعة من المبسوط: إذا استأجر سنة رجع إلى الهلالية (4)، فإن وافق أول الهلال كانت السنة كلها بالأهلة، وإن لم يوافق ذلك أول الهلال عدد الباقي من ذلك الشهر وكان ما عداه بالأهلة ثم يكمل ذلك الشهر الأول من الأخير ثلاثين يوما، وإن قلنا: إنه يكمل بقدر ما مضى من ذلك الشهر كان قويا (5)، وهو يدل على تردده. والأول أقوى عندي.