وبما رواه الحلبي في الصحيح، عن الصادق - عليه السلام - في اللقطة يجدها الرجل الفقير أهو فيها بمنزلة الغني؟ قال: نعم، واللقطة يجدها الرجل ويأخذها، قال: يعرفها سنة فإن جاء لها طالب وإلا فهي كسبيل ماله (1).
والجواب: إن التشبيه يدل على المغايرة، وإلا لكان اتحادا لا تشبيها، وهو يدل على نفي المالية. وادعاؤه الإجماع وتواتر الأخبار خطأ، فإن أكثر الأصحاب قالوا: إنه لا يملك إلا بالبينة، بل أبو الصلاح جعل نية الاحتفاظ وعدم التملك أولى (2)، والأخبار إنما تنطق بما قلناه، وقد بينا الخلاف فيه، ولا تواترها هنا.
ونسبة الشيخ إلى اختيار مذهب الشافعي وأبي حنيفة جهل منه وقلة تحصيل، لأنه إن قصد أنه اختار مذهبهما لدليل فهو الواجب عليه وعلى كل أحد، وإن كان لا دليل فقد نسب الشيخ إلى الخطأ، إذ التقليد لمثله لا يجوز، ولعدم تحصيل هذا الرجل لا يعرف ما يدل كلامه عليه.
مسألة: المشهور كراهة أخذ اللقطة مطلقا، والشيخ فصل في المبسوط فقال: إن كان أمينا وهي في العمران والناس غير أمناء استحب له أخذها (3).
وهو الوجه.
وقال ابن الجنيد: فإن قصد الأخذ لها حفظها على صاحبها خوف أخذها من لا أمانة له فتتلف على صاحبها، وجوز أن يؤجر إذا أدى الأمانة فيها.
لنا: إن فيه حفظا لها على مالكها.
ولأن الباقر - عليه السلام - أخذ خاتما من السيل (4)، فهو منزه عن فعل