فالمساقاة باطلة، لأن موضوع المساقاة على أن من رب المال المال ومن العامل العمل كالقراض، فإذا شرط على رب المال العمل بطل كالقراض (1).
والوجه عندي صحة ذلك، لأنه سوغ أن يشترط العامل على المالك أن يعمل معه غلامه، وأن يكون على المالك بعض العمل وقواه، لأنه لا مانع منه، وهذا هو نفس ذاك.
مسألة: قال الشيخ في المبسوط: إذا قال: ساقيتك على هذا الحائط بالنصف على أن أساقيك على هذا الآخر بالثلث بطلت، لأنه بيعتان في بيعة، فإنه ما رضي أن يعطيه من هذا النصف، إلا بأن يرضى منه بالثلث من الآخر، وهكذا في البيع إذا قال: بعتك عبدي هذا بألف على أن تبيعني عبدك بخمسمائة فالكل باطل، لأن قوله: (على أن تبيعني عبدك بألف) إنما هو وعد من صاحب العبد بذلك، وهو بالخيار بين الوفاء به وبين الترك، فإذا لم يف به سقط، وهذا ما رضي أن يبيعه بألف، إلا بأن يشتري منه العبد بخمسمائة فقد نقصه من الثمن لأجله، فإذا بطل ذلك رددنا إلى الثمن ما نقصناه لأجله، وذلك المردود مجهول، والمجهول إذا أضيف إلى معلوم كان الكل مجهولا، فلهذا بطل. ويفارق هذا إذا قال: ساقيتك على هذين الحائطين بالنصف من هذا وبالثلث من هذا حيث يصح، لأنها صفقة واحدة وعقد واحد، وليس كذلك ها هنا، لأنهما صفقتان في صفقة، ألا ترى أنه لو قال:
بعتك هذه داري بألف على أن تبيعني عبدك بمائة بطل الكل، ولو قال:
بعتك داري هذه وعبدي هذا معا بألف، الدار بستمائة والعبد بأربعمائة صح، وكان الفصل بينهما ما مضى (2).